للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَيئةِ الرَّاكعِ، كالأحدَبِ، لزِمه ذلك؛ لأنَّه قِيامٌ مِثلُه، وإن قدَر على القِيامِ أوِ القُعودِ في أثنائِها انتقلَ إليها وأتَمَّهَا.

وأمَّا إن قدَر على القِيامِ وعجَز عن الرُّكوعِ والسُّجودِ أَومَأَ بالرُّكوعِ أو السُّجودِ، أَومَأَ بالرُّكوعِ قائِمًا، وبالسُّجودِ قاعِدًا، وهذا قولُ الشافِعيِّ أيضًا، وقالَ أبو حَنيفَةَ: يَسقطُ القيامُ عنه (١).

ويُقسِّمُ المالِكيَّةُ رُكنَ القِيامِ إلى رُكنَينِ: القِيامِ بتَكبيرةِ الإحرامِ، والقِيامِ لِقِراءةِ الفاتِحةِ، قالوا: المُرادُ بالقِيامِ القِيامُ استِقلالًا، فلا يُجزِئُ إيقاعُ تَكبيرةِ الإحرامِ في الفَرضِ لِلقادِرِ على القِيامِ جالسًا أو مُنحَنِيًا، ولا قائِمًا مُستَنِدًا لِعُمُدٍ، وحيثُ لو أُزِيلَ لَسقطَ (٢).

وقالَ الحَنفيَّةُ: إنَّ القيامَ رُكنٌ ويسقطُ عن العاجِزِ عنه حَقيقةً أو حُكمًا، والعَجزُ الحُكميُّ هو: كما لو حصَل له به ألَمٌ شَديدٌ، أو خافَ زِيادةَ المرَضِ بجُرحِهِ إذا قامَ، أو يَسلُسُ بَولُه، أو يَبدُو رُبُعُ عَورتِه، أو يَضعُفُ عن القِراءةِ أصلًا، أمَّا لو قدَر على بعضِ القِراءةِ إذا قامَ فإنَّه يَلزمُه أن يَقرأَ مِقدارَ قُدرَتِه، والبقيةَ قاعِدًا، أو عن صَومِ رَمضانَ، أي أنَّه لو صامَ رَمضانَ صلَّى قاعِدًا، وإن أفطَرَ صلَّى قائِمًا، يَصومُ ويُصلِّي قاعِدًا، فَيَتحَتَّمُ عليه القُعودُ في هذه المَسائِلِ؛ لِعَجزِه عن القِيامِ حُكمًا؛ إذ لو قامَ لزِمَ فَوتُ الطَّهارةِ أو السَّتْرِ أو القِراءةِ أو الصَّومِ بلا خِلافِ (٣).


(١) «الشَّرح الكبير مع المغني» (٢/ ٤٧٤، ٤٧٧).
(٢) «حاشية الدُّسوقيِّ» (١/ ٢٣١)، و «الشرح الصغير» (١/ ٢٠٤).
(٣) «البحر الرائق» (٢/ ١٢١)، وابن عابدين (٢/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>