للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرَسٍ فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيمَنُ، فَدَخَلنَا عليه نَعُودُهُ، فَحَضرَتِ الصَّلاةُ، فَصلَّى بِنَا قاعِدًا، فَصلَّينَا وَراءَهُ قُعُودًا» (١).

وقالَ الشافِعيَّةُ: يُشترَطُ في القِيامِ: الانتِصابُ، فلو انحَنَى مُتخشِّعًا وكانَ قَريبًا إلى حَدِّ الرُّكوعِ، لم تَصحَّ صَلاتُه، ولو لم يقدِر على القيامِ إلا بمُعِينٍ، ثم لا يَتأَذَّى بالقيامِ، لزِمه أن يَستَعينَ بمَن يُقيمُه، فإن لم يَجِد مُتبرِّعًا لزِمه أن يَستَأجِرَه بأُجرةِ المِثلِ، إن وجدَها، ولو قدَر على القِيامِ دونَ الرُّكوعِ والسُّجودِ لِعِلَّةٍ بظَهرِه، لزِمه ذلك؛ لِقُدرَتِه على القِيامِ، و لوِ احتَاجَ في القِيامِ إلى شَيءٍ بحيثُ لو نُحِّيَ سقطَ، صحَّت صَلاتُه مع الكَراهةِ، ومَن عجَز عن الانتِصابِ، وصارَ في حَدَّ الرَّاكعينَ، كمَن تَقَوَّسَ ظَهرُه لِكِبَرٍ أو زَمانةٍ، لزِمه القِيامُ على تلك الحالِ، فإذا أرادَ الرُّكوعَ زادَ في الانحِناءِ إن قدَر عليه (٢).

وقالَ الحَنابلَةُ: إن أمكَنَه القيامُ إلا أنَّه يَخشَى تَباطُؤَ بُرئِه أو زِيادةَ مرَضِه، أو يَشُقُّ عليه مَشقَّةً شَديدةً فله أن يُصلِّيَ قاعِدًا، وبهذا قالَ مالِكٌ؛ لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨]، ولأنَّ النَّبيَّ صلَّى جالسًا لمَّا جُحشَ شِقُّه الأيمَنُ، والظَّاهرُ أنَّ مَنْ جُحشَ شِقُّه لا يَعجِزُ عن القِيامِ بالكلِّيَّةِ.

فإن قدَر على القيامِ بأن يتَّكئَ على عَصًا، أو يَستنِدَ على حائِطٍ، أو يَعتمِدَ على أحَدِ جانِبَيه، لزِمه ذلك؛ لأنَّه قادِرٌ على القِيامِ مِنْ غيرِ ضَرَرٍ؛ فلزِمه، كما لو قدَر بغيرِ هذه الأشياءِ، وإن قدَر على القِيامِ إلا أنَّه يَكونُ على


(١) رواه البخاريُّ (١٠٦٣).
(٢) «مُغنى المحتاج» (١/ ١٥٣)، و «كفاية الأخيار» (١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>