للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لا نِكاحَ إلا بوَليٍّ» (١)، والوصيُّ ليسَ بوليٍّ، ولأنه يتصرَّفُ بالأمرِ، فلا يَعدُو مَوضعَ الأمرِ كالوكيلِ، وإنْ كانَ المَيتُ أوصَى إليهِ لا يَملكُ أيضًا؛ لأنه أرادَ بالوِصايةِ إليه نقْلَ ولايةِ الإنكاحِ، وأنها لا تَحتملُ النقلَ حالَ الحياةِ، كذا بعدَ المَوتِ.

وأيضًا: فإنَّ السبَبَ الذي به يَستحقُّ الولايةَ في النكاحِ هو النسَبُ، وذلكَ لا يَصحُّ النقلُ فيهِ، ولا يَستحقُّه الوصيُّ؛ لعَدمِ السبَبِ الذي به يَستحقُّ الوِلايةَ، وليسَ التصرُّفُ في المالِ بعدَ الموتِ كالتصرُّفِ في النكاحِ؛ لأنَّ المالَ يَصحُّ النقلُ فيهِ والنكاحَ لا يَصحُّ النقلُ فيهِ إلى غيرِ الزَّوجينِ، فلمْ يَجُزْ أنْ يكونَ للوصيِّ ولايةٌ فيهِ.

وليسَ الوَصيُّ كالوكيلِ في حالِ حياةِ الأبِ؛ لأنَّ الوكيلَ يتصرَّفُ بأمرِ المُوكِّلِ، وأمرُه باقٍ؛ لجوازِ تصرُّفِه، وأمرُ المَيتِ مُنقطِعٌ فيما لا يَصحُّ فيه النقلُ وهو النكاحُ، فلذلكَ اختَلفَا.

فالنكاحُ إلى العصَباتِ، والوَصيُّ ليسَ بعَصبةٍ إذا لم يَكنْ مِنْ قرابتِه، فهو كسائرِ الأجانبِ في التَّزويجِ، وإنْ كانَ الوصيُّ مِنْ القرابةِ بأنْ كانَ عَمًّا أو غيرَه فله وِلايةُ التزويجِ بالقَرابةِ لا بالوِصايةِ، فلو عيَّنَ المُوصِي في حياتِه رَجلًا فزوَّجَ الوصيُّ المرأةَ مِنْ ذلكَ الرجلِ في حياةِ المُوصِي فهو وكيلٌ لا وصيٌّ، وإنْ زوَّجَها منه بعدَ موتِ المُوصِي فقد بطَلَتِ الوكالةُ بالمَوتِ


(١) تقدَّمَ تَخريجُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>