للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أنَسٍ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ : «لا يَتزوَّجُ المُحرِمُ ولا يُزوِّجُ» (١).

ولا يَنقلُ الإحرامُ الوِلايةَ للأبعَدِ في الأصَحِّ؛ لأنه لا يَسلبُ الولايةَ؛ لبَقاءِ الرُّشدِ والنظرِ، وإنما يَمنعُ النكاحَ كما يَمنعَه إحرامُ الزَّوجِ أو الزوجةِ.

فيُزوِّجُ السُّلطانُ عندَ إحرامِ الوليِّ لا الأبعَدُ؛ لأنَّ تأثيرَ الإحرامِ يَمنعُ الانعقادَ مع بقاءِ الولايةِ؛ لبقاءِ الرُّشدِ والنظرِ.

والثَّاني: يَنقلُ للأبعدِ كالجُنونِ، ورجَّحَه في «المَطلَب».

وكما لا يَصحُّ نِكاحُ المُحرمِ لا يَصحُّ إذنُه لعبدِه الحَلالِ في النكاحِ، ولا إذنُ المُحرمةِ لعبدِها فيه على الأصَحِّ في المَجمُوع.

ويَجوزُ أنْ تُزَفَّ إلى المُحرمِ زَوجتُه التي عقَدَ عليها قبلَ إحرامِه، وأنْ تُزفَّ المُحرمةُ إلى زَوجِها الحَلالِ والمُحرمِ.

ويَنعقدُ النكاحُ بشَهادةِ المُحرمِ؛ لأنه ليسَ بعاقِدٍ ولا مَعقودٍ عليهِ، لكنَّ الأَولى أنْ لا يَحضرَ، وتَصحُّ رَجعتُه؛ لأنها استِدامةٌ كالإمساكِ في دَوامِ النكاحِ.

ولو أحرَمَ الوليُّ أو الزَّوجُ بعدَ تَوكيلِه التَّزويجَ فعقَدَ وكيلُهُ الحَلالُ لم يَصحَّ العقدُ؛ لأنَّ المُوكِّلَ لا يَملكُه، ففَرعُه أَولى، وأيضًا الوَكيلُ في النكاحِ سَفيرٌ مَحضٌ، فكأنَّ العاقِدَ هو المُوكِّلُ، ولا يَنعزلُ الوَكيلُ بإحرامِ مُوكِّلِه، فيَعقدُ بعدَ التَّحلُّلِ.


(١) رواه الدارقطني (٣٦٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>