للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقَولِ النبيِّ : «لا يَنكحُ المُحرمُ ولا يُنكِحُ»، ولأنه سَببٌ يَثبتُ به تَحريمُ المُصاهَرةِ أو سَببٌ تَصيرُ المرأةُ به فِراشًا، فوجَبَ أنْ يُحظَرَ حالَ الإحرامِ كالوَطءِ، ولأنَّ كُلَّ معنًى حَرَّمَ الطِّيبَ حرَّمَ النكاحَ كالعدَّةِ.

وله أنْ يُراجِعَ؛ لأنه ليسَ بعَقدِ نكاحٍ، وإنما هو مِنْ حُقوقِ النكاحِ، فلم يَمنعْ منه الإحرامُ كالطَّلاقِ والظِّهارِ.

وهذا كلُّه في الوليِّ الخاصِّ، وأمَّا الحاكِمُ والقاضي يكونُ كُلٌّ منهُما مُحرمًا ويوكِّلُ حلالًا فيَصحُّ عقدُ الوكيلِ الحلالِ (١).

وقالَ الشَّافعيةُ: إحرامُ أحَدِ العاقدَينِ مِنْ وليٍّ ولو حاكِمًا أو زَوجٍ أو وكيلٍ عن أحَدِهما أو الزَّوجةِ بنُسكٍ ولو فاسِدًا يَمنعُ صحَّةَ النكاحِ؛ لأنَّ المُحرمَ مَسلوبُ العِبارةِ في عَقدِ النكاحِ استِقلالًا ووِلايةً ووَكالةً في كلٍّ مَنْ طَرفيِ الإيجابِ والقَبولِ، سَواءٌ كانَ في حَجٍّ أو عُمرةٍ، صَحيحًا كانَ أو فاسِدًا؛ لقَولِ النبيِّ : «لا يَنْكِحُ المُحرِمُ ولا يُنكِحُ ولا يَخطبُ» (٢)، والكافُ مَكسورةٌ فيهِما والياءُ مَفتوحةٌ في الأولِ مَضمومةٌ في الثاني.


(١) «شرح صحيح البخاري» (٤/ ٤٠٨، ٤٠٩)، و «التمهيد» (٢/ ١٥٦، ١٥٧)، و «الاستذكار» (٤/ ١١٧، ١١٨)، و «عيون المسائل» (٢٦٦)، و «الجامع لمسائل المدونة» (٩/ ٢٦٠)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٩٧)، و «تفسير القرطبي» (٣/ ٢٢٢)، و «شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة» لابن أبي زيد القيرواني (٢/ ٤١).
(٢) رواه مسلم (١٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>