وليًّا لكافرةٍ؛ ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٤١]، وقولِه أيضًا: ﴿لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [المائدة: ٥١]، فدلَّتْ هاتانِ الآيتانِ على أنه لا وِلايةَ لكافرٍ على مُسلمةٍ، وقالَ تعالَى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة: ٧١]، فدَلَّ على أنه لا وِلايةَ لمُسلمٍ على كافِرةٍ، ولأنَّ النبيَّ ﷺ لمَّا أرادَ أنْ يتزوَّجَ أمَّ حَبيبةَ بنتَ أبي سُفيانَ وكانَ أبوها وإخوَتُها كفَّارًا وهي مُسلمةٌ مُهاجِرةٌ بأرضِ الحَبشةِ تزوَّجَها مِنْ أقرَبِ عصَباتِها مِنْ المُسلمينَ، وهو خالدُ بنُ سَعيدِ بنِ العاصِ، فدَلَّ على انتقالِ الولايةِ بالكُفرِ عمَّن هو أقرَبُ إلى مَنْ ساوَاها في الإسلامِ وإنْ كانَ أبعَدَ، فلأنَّ اللهَ تعالى قد قطَعَ المُوالاةَ باختلافِ الدِّينِ، فلمْ تَثبتِ الولايةُ معه كما لم يَثبتِ المِيراثُ، وإنما الولايةُ شُرِعتْ لطَلبِ الحِفظِ لها ودَفعِ العارِ عنها، واختِلافُ الدِّينِ يَصدُّ عن هذا أو يَمنعُ منه كما قالَ تعالَى: ﴿لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً﴾ [التوبة: ١٠] (١).
وقالَ الإمامُ العَمرانِيُّ ﵀: قالَ الشَّافعيُّ ﵀: (ووَليُّ الكافرةِ كافرٌ، ولا يكونُ المُسلمٌ وليًّا لكافرةٍ إلَّا على أمَتِه).
وجُملةُ ذلكَ: أنه إذا كانَ للكافِرِ ابنةٌ مُسلمةٌ .. فإنه لا وِلايةَ له عليها، فإنْ كانَ لها وليٌّ مُسلمٌ .. زوَّجَها، وإلَّا .. زوَّجَها الحاكِمُ؛ لقَولِه تَعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة: ٧١] الآيَة.
(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ١١٥، ١١٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute