للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ في «الإشرَاف»: أجمَعَ عامَّةُ مَنْ يُحفَظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ الكافِرَ لا يكونُ وليًّا لابنَتِه المُسلمةِ؛ لقَطعِ اللهِ الولايةَ بينَ المُسلمينَ والكافِرينَ، هذا مَذهبُ مالِكٍ والشَّافعيِّ وأحمَدَ وأبي عُبيدٍ والنُّعمانِ وأصحابِه ومَن تَبِعَهم.

وليسَ للذمِّي حَقٌّ في أحكامِ المُسلمينَ، والنكاحُ مِنْ أعالِي أحكامِهم، وقد منَعَه اللهُ تعالَى على لِسانِ نَبيِّه المِيراثَ والقَودَ والعَقْلَ، والنكاحُ إلى وَليِّها مِنْ المُسلمينَ، فإنْ لم يَكنْ فالسُّلطانُ وليُّ مَنْ لا وليَّ له (١).

قالَ الحَنفيةُ: لا ولايةَ للكافرِ على المُسلمِ؛ لأنه لا مِيراثَ بينَهُما، قالَ النبيُّ : «لا يَتوارثُ أهلُ مِلتَينِ شَيئًا»، ولأنَّ الكافرَ ليسَ مِنْ أهلِ الولايةِ على المُسلمِ؛ لأنَّ الشرعَ قطَعَ ولايةَ الكافرِ على المُسلمينِ؛ لأنَّ الولايةَ تَقتضِي نُفوذَ قولِ الوليِّ على المُولَّى عليه، ولا نَفاذَ لقولِ الكافرِ على المُسلمِ كما في الشَّهادةِ، قالَ الله تعالَى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (١٤١)[النساء: ١٤١]، فإنَّ هذا يَقتضِي نفْيَ السَّبيلِ مِنْ كلِّ وَجهٍ؛ لأنَّ النَّكرةَ في مَوضعِ النَّفيِ تَعُمُّ.

وقالَ : «الإسلامُ يَعلُو ولا يُعلَى»، ولأنَّ إثباتَ الولايةِ للكافرِ على المُسلمِ تُشعِرُ بإذلالِ المُسلمِ مِنْ جهةِ الكافرِ، وهذا لا يَجوزُ، ولهذا صِينَتِ المُسلمةُ عن نكاحِ الكافرِ (٢).


(١) «الإشراف على مذاهب العلماء» (٥/ ٢٣).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٣٩)، و «الهداية» (١/ ١٩٩)، و «الاختيار» (٣/ ١٢٠)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٢٨٥)، و «درر الحكام» (١/ ٣٣٨)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٥٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٠٠، ٣٠١)، و «اللباب» (٢/ ٣٠)، و «مجمع الأنهر» (١/ ٤٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>