للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يَحلُّ النِّكاحُ؛ وذلكَ لأنها عِدَةٌ قارَنَها سَببٌ، وبذلكَ أفتى ابنُ رُشدٍ أيضًا. اه فقالَ ح عَقِبَه: ففُهِمَ منه أنَّ منِ التزَمَ لشَخصٍ أنْ يُزوِّجَه مَجبورتَه فإنه يُقضَى عليه به، إلا أنْ يَعقدَ نكاحَها لغيرِه، فإنه لا يُفسَخُ. اه.

قلتُ: وتأمَّل هذا مع ما في أجوِبتِه للقورِيِّ نحو الكُرَّاسينِ، في رجلٍ قال لآخَرَ: «إنْ أتيتَنِي بكذا مِنْ مَوضِع كَذا -والمَوضعُ مَخُوفٌ- أعطَيتُكَ ابنَتِي» أنَّ النكاحَ غيرُ لازمٍ، واستدلَّ له بما في «العُتبيَّة» فيمَن وقَعَ له صَبيٌّ في جُبٍّ فقالَ لرَجلٍ: «إنْ أخرَجْتَه فقدْ زوَّجتُكَ ابنَتِي» فأخرَجَه فقالَ ابنُ القاسِمِ: إنَّ ذلكَ لا يَجوزُ ولا يكونُ فيه النكاحِ، وأرَى له أُجرةَ مثلِه في إخراجِه إياه حيًّا أو مَيتًا. اه.

فهذا قد عبَّرَ بالماضي وأدخَلَه في السَّببِ، ومع ذلكَ لم يلزمْهُ إياهُ، فهو مُعارضٌ بحسَبِ الظَّاهرِ لمسألةِ: «إنْ فارَقْتَ امرأتَكَ فقدْ زوَّجتُكَ ابنتِي»، وقد تقدَّمَ الجَزمُ فيها باللُّزومِ بنَفسِ الفِراقِ، وقد عَلِمت أنه لا عِدَةَ فيهِما؛ لتَعبيرِه بالماضي فيهما، وفي أنكحةِ «المِعيارِ» أنَّ مَنْ قالَ: «مَنْ رَكبَ فرَسِي فهي بابنَتِه» لا يلزمُهُ نِكاحٌ، وأخَذْت مِنْ قَولِه: «إنْ جاءَ غدًا فقدْ راجَعْتُكِ» فلا تكونُ رَجعةً، وانظُرْ أنكِحةَ العلميِّ فيمَن قالَ: «إنْ وُلِدَ لكَ وَلدٌ فله ابنَتِي»، وانظُرْ إذا قُلنَا بلُزومِ النكاحِ في ذلكَ ما قَدرُ الصَّداقِ؟ والظَّاهرُ أنه كنكاحِ التَّفويضِ، إنْ فرَضَ المِثلَ لَزمَه، وإلَّا فَلا (١).


(١) «البهجة في شرح التحفة» (١/ ٤٢٧، ٤٢٨)، ويُنظَر: «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٩٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤٢، ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>