النكاحِ؛ لأنَّ الواحِدَ في هذا البابِ يَقومُ بالعَقدِ مِنْ الجانبَينِ، وكما لو كانَ مالِكًا مِنْ الجانبَينِ أو وليًّا أو وَكيلًا، فكانَ كَلامُه عَقدًا لا شَطرًا، فكانَ مُحتمِلًا للتوقُّفِ كما في الخُلعِ والطَّلاقِ والإعتاقِ على مالٍ.
وجْهُ قَولِهما: إنَّ هذا شَطرُ العَقدِ حَقيقةً لا كُلُّه؛ لأنه لا يَملكُ كلَّه؛ لانعِدامِ الوِلايةِ، وشَطرُ العَقدِ لا يَقفُ على غائِبٍ عنِ المَجلسِ كالبَيعِ؛ وهذا لأنَّ الشَّطرَ لا يَحتملُ التوقُّفَ حَقيقةً؛ لأنَّ التوقُّفَ في الأصلِ على خِلافِ الحَقيقةِ؛ لصُدورِه عنِ الوَلاءِ على الجانبَينِ، فيَصيرُ كَلامُه بمَنزلةِ كَلامينِ وشَخصُه كشَخصينِ حُكمًا، فإذا انعَدمَتِ الولايةُ ولا ضَرورةَ إلى تَعيينِ الحَقيقةِ فلا يَقفُ، بخِلافِ الخُلعِ؛ لأنه مِنْ جانِبِ الزَّوجِ يَمينٌ؛ لأنه تَعليقُ الطَّلاقِ بقَبولِ المَرأةِ وأنه يَمينٌ، فكانَ عَقدًا تامًّا، ومِن جانِبِ المَرأةِ مُعاوَضةٌ، فلا يَحتمِلُ التوقُّفَ كالبَيعِ، وكذلكَ الطَّلاقُ والإعتاقُ على مالٍ.
ولو أرسَلَ إليها رَسولًا وكتَبَ إليها بذلكَ كِتابًا فقَبلَتْ بحَضرةِ شاهدَينِ سَمِعَا كَلامَ الرَّسولِ وقِراءةَ الكِتابِ جازَ ذلكَ؛ لاتِّحادِ المَجلسِ مِنْ حَيثُ المَعنى؛ لأنَّ كَلامَ الرَّسولِ كَلامُ المُرسِل؛ لأنه يَنقلُ عِبارةَ المُرسِلِ، وكذا الكِتابُ بمَنزلةِ الخِطَابِ مِنْ الكاتِبِ، فكانَ سَماعُ قَولِ الرَّسولِ وقِراءةُ الكِتابِ سَماعَ قَولِ المُرسلِ وكَلامَ الكاتبِ مَعنًى، وإنْ لم يَسمَعَا كَلامَ الرَّسولِ وقِراءةَ الكِتابِ لا يَجوزُ عندَهُما، وعندَ أبي يُوسفَ: إذا قالَتْ: «زوَّجتُ نفْسِي» يَجوزُ وإنْ لم يَسمعَا كَلامَ الرَّسولِ وقِراءةَ الكِتابِ؛ بِناءً