للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغايَتُه أنه يَسلمُ الاستِدلالُ، لكنْ يَخصُّه بخاطِبٍ دُونَ خاطِبٍ، وقد قدَّمْتُ في الذي قبلَه وجْهَ الخَدشِ في أصلِ الاستِدلالِ (١).

أمَّا لو أتَى بصِيغةِ الاستفهام فقالَ الشَّافعيةُ: لو قالَ: «أتُزوِّجُني ابنتَكَ؟ فقالَ الوليُّ: «زوَّجتُكَ» لم يَنعقدْ، إلَّا أنْ يقولَ الخاطِبُ بعدَه: «تزوَّجْتُ»، وكذا لو قالَ الوليُّ: أتتَزوَّجُ بنتِي؟ أو تزوَّجتَها؟» فقالَ: «تزوَّجتُ» لا يَنعقدُ، إلَّا أنْ يقولَ الوليُّ بعدَه: «زوَّجتُكَ»؛ لأنه استِفهامٌ (٢).

وقالَ الحَنفيةُ: لو صرَّحَ بالاستِفهامِ اعتُبِرَ فَهمُ الحالِ، ففي شَرحِ الطَّحَاويِّ: لو قالَ: «هل أعطَيتَنِيها؟» فقالَ: «أعطَيْتُ» إنْ كانَ المَجلسُ للوَعدِ فوَعدٌ، وإنْ كانَ للعَقدِ فنكاحٌ.

قالَ الرَّحمَتيُّ : فعَلِمْنا أنَّ العِبرةَ لِمَا يَظهرُ مِنْ كَلامِهما، لا لنيَّتِهما؛ أَلَا ترَى أنه يَنعقدُ مع الهَزلِ، والهازِلُ لم يَنوِ النكاحَ، وإنَّما صحَّتْ نيَّةُ الاستِقبالِ في المَبدوءِ بالتَّاءِ؛ لأنَّ تَقديرَ حَرفِ الاستِفهامِ فيه شائِعٌ كَثيرٌ في العرَبية (٣).

وقالَ الحَنابلةُ: إذا تقدَّمَ القَبولُ الإيجابَ كقَولِه: «تزوَّجْتُ ابنَتكَ» فيقولُ الوليُّ: زوَّجتُكَها» أو «زوِّجنِي ابنتَكَ» فيقولُ الوليُّ: «زوَّجتُكَها» لم


(١) «فتح الباري» (٩/ ١٩٨).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٦٧٩)، و «أسنى المطالب في شرح روض الطالب» (٣/ ١١٩).
(٣) «شرح فتح القدير» (٣/ ١٩١)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ١١، ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>