وقد رَوى البُخاريُّ في صَحيحِه: بابٌ: إذا قالَ الخاطِبُ للوليِّ: «زوِّجنِي فُلانةَ» فقالَ: «قد زوَّجتُكَ بكذا وكذا» جازَ النِّكاحُ وإنْ لم يَقلْ للزوجِ: «أرَضِيتَ، أو قَبِلتَ».
٤٨٤٧ - حدَّثَنا أبو النُّعمانِ حدَّثَنا حمَّادُ بنُ زَيدٍ عن أبي حازِمٍ عن سَهلِ بنِ سَعدٍ ﵁ «أنَّ امرأةً أتَتِ النبيَّ ﷺ فعرَضَتْ عليهِ نفْسَها، فقالَ: ما ليَ اليومَ في النِّساءِ مِنْ حاجَةٍ، فقالَ رَجلٌ: يا رسولَ اللهِ: زوِّجنِيها، قالَ: ما عندَكَ؟ قالَ: ما عندِي شيءٌ، قالَ: أعطِها ولو خاتَمًا مِنْ حَديدٍ، قالَ: ما عندِي شيءٌ، قالَ: فما عندَكَ مِنْ القُرآنِ؟ قالَ: كذا وكذا، قالَ: فقدْ مَلَّكتُكَها بما معكَ مِنْ القرآنِ».
قالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ العَسقلانِيُّ ﵀: وهذهِ التَّرجمةُ مَعقودةٌ لمَسألةِ: هل يَقومُ الالتِماسُ مَقامَ القَبولِ فيَصيرُ كما لو تَقدَّمَ القَبولُ على الإيجابِ، كأنْ يَقولَ: «تزوَّجْتُ فُلانةَ على كذا» فيَقولَ الوليُّ: «زوَّجتُكَها بذلكَ»؟ أو لا بُدَّ مِنْ إعادَةِ القَبولِ؟ فاستَنبطَ المُصنِّفُ مِنْ قصَّةِ الواهِبةِ أنه لم يُنقلَ بعدَ قولِ النبيِّ ﷺ: «زوَّجتُكَها بما معكَ مِنْ القُرآنِ» أنَّ الرَّجلَ قالَ: «قد قَبلْتُ»، لكنِ اعتَرضَه المُهلَّبُ فقالَ: بِساطُ الكَلامِ في هذه القصَّةِ أغنَى عن تَوقيفِ الخاطِبِ على القَبولِ؛ لِمَا تقدَّمَ مِنْ المُراوَضةِ والطَّلبِ والمُعاوَدةِ في ذلكَ، فمَن كانَ في مثلِ حالِ هذا الرَّجلِ الرَّاغبِ لم يَحتَجْ إلى تَصريحٍ منهُ بالقَبولِ؛ لسَبْقِ العِلمِ برَغبتِه، بخِلافِ غيرِه ممَّن لم تَقُمِ القَرائنُ على رِضاهُ. انتهى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute