للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الزَّيلعيُّ : تَحرمُ الخَلوةُ بالأجنَبيةِ وإنْ كانَ معها غيرُها مِنْ النِّساءِ (١).

وقالَ ابنُ عابدِينَ : وقَولُ «القُنيَة»: «وليسَ معهُما مَحرمٌ» يفيدُ أنه لو كانَ فلا خَلوةَ، والَّذي تَحصَّلَ مِنْ هذا أنَّ الخلوةَ المُحرَّمةَ تَنتفِي بالحائلِ وبوُجودِ مَحرمٍ أو امرأةٍ ثِقةٍ قادرةٍ.

وهل تَنتفِي أيضًا بوُجودِ رَجلٍ آخَرَ أجنَبيٍ؟ لم أَرَه، لكنْ في إمامةِ البَحرِ عن الإسبِيجابيِّ: يُكرهُ أنْ يؤمَّ النِّساءَ في بَيتٍ وليسَ معهُنَّ رَجلٌ ولا مَحرمٌ مثلَ زَوجتِه وأمَتِه وأختِه، فإنْ كانَتْ واحِدةٌ منهنَّ فلا يُكرهَ، وكذا إذا أَمَّهنَّ في المسجدِ لا يُكرهُ. اه.

وإطلاقُ المَحرمِ على مَنْ ذُكِرَ تَغليبٌ، بَحرٌ، والظَّاهرُ أنَّ علَّةَ الكَراهةِ الخلوةُ، ومَفادُه أنه تَنتفِي بوُجودِ رَجلٍ آخَرَ، لكنَّه يُفيدُ أيضًا أنها لا تَنتفِي بوُجودِ امرأةٍ أُخرى، فيُخالِفُ ما مَرَّ مِنْ الاكتفاءِ بامرأةٍ ثِقةٍ.

ثمَّ رأيْتُ في «مُنيَة المُفتِي» ما نَصُّه: الخَلوةُ بالأجنَبيةِ مَكروهةٌ وإنْ كانَتْ معَها أُخرى كَراهةَ تَحريمٍ. اه.

ويَظهرُ لي أنَّ مُرادَهم بالمرأةِ الثِّقةِ أنْ تكونَ عَجوزًا لا يُجامَعُ مِثلُها مع كَونها قادِرةً على الدَّفعِ عنها وعنِ المُطلَّقةِ، فليُتأمَّلْ (٢).


(١) «تبيين الحقائق» (٢/ ٥)، ويُنظَر: «بدائع الصنائع» (٥/ ١٢٥)، و «الهداية» (١/ ١٣٥)، و «البحر الرائق» (٢/ ٣٣٩).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٦/ ٣٦٨، ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>