للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : ستْرُ العَورةِ عن العُيونِ واجِبٌ بالإجماعِ؛ لِمَا سبَقَ مِنْ الأدلَّةِ، وأصَحُّ الوجهَينِ وُجوبُه في الخَلوةِ؛ لِمَا ذكَرْنا مِنْ حديثِ بَهزٍ وغيرِه، ومِمَّن نَصَّ على تَصحيحِه المُصنِّفُ والبَندَنيجيُّ، فإنِ احتاجَ إلى الكَشفِ جازَ أنْ يَكشفَ قدْرَ الحاجةِ فقط، هكذا قالَه الأصحابُ، وقولُ المُصنِّفِ: (فإنِ اضْطَرَّ) مَحمولٌ على الحاجةِ لا على حَقيقةِ الضَّرورةِ، ولو قالَ: «احتَاجَ» كمَا الأصحابُ لَكانَ أصوَبَ؛ لئلَّا يُوهَمَ اشتِراطُ الضَّرورةِ، فمِن الحاجةِ حالةُ الاغتَسالِ، يَجوزُ في الخَلوةِ عارِيًا، والأفضَلُ التستُّرُ بمِئزرٍ (١).

وقالَ البُهوتيُّ : يجبُ ستْرُ العَورةِ في خَلوةٍ كما يَجبُ لو كانَ بينَ النَّاسِ، وحتَّى في ظُلمةٍ؛ لحَديثِ بهزِ بنِ حَكيمٍ عن أبيه عن جدِّهِ (٢).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : ويَجبُ على الإنسانِ أنْ يستُرَ عَورتَه، كما قالَ النبيُّ لمُعاويةَ بنِ حَيدةَ: «احفَظْ عَورتَكَ إلَّا مِنْ زَوجتِكَ أو ما ملَكَتْ يَمينُكُ، قلتُ: فإذا كانَ أحَدُنا مع قَومهِ؟ قالَ: إنِ استَطعْتَ أنْ لا يَرينَّها أحَدٌ فلا يَرينَّها، قلتُ: فإذا كانَ أحَدُنا خاليًا؟ قالَ: فاللهُ أحَقُّ أن يُستَحيَى منه مِنْ النَّاسِ».


(١) المجموع (٣/ ١٦٨).
(٢) «كشاف القناع» (١/ ٣١٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٢٩٨)، و «مطالب أولي النهى» (١/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>