للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ قالَ القُرطبيُّ : وما نُسِبَ إلى مالكٍ وأصحابِه مِنْ هذا باطِلٌ، وهُمْ مُبَرَّؤونَ مِنْ ذلكَ (١).

وقالَ الحَطَّابُ : وأمَّا الوطءُ في الدُّبرِ المَشهورُ ما ذكَرَه المُصنِّفُ أنه لا يَجوزُ، والقولُ بالجَوازِ مَنسوبٌ لمالِكٍ في «كِتاب السِّرِّ»، ومَوجودُ له في «اختصارِ المَبسوطِ»، قالَه ابنُ عبدِ السَّلامِ، قالَ: قالَ مالكٌ: إنه أحَلُّ مِنْ شُربِ الماءِ البارِدِ.

أمَّا «كِتاب السِّرِّ» فمُنكَرٌ، قالَ ابنُ فَرحونَ: وقَفْتُ عليهِ، فيه مِنْ الغَضِّ مِنْ الصَّحابةِ والقَدحِ في دِينِهم، خُصوصًا عُثمانَ ، ومِن الحَطِّ على العُلماءِ والقَدْحِ فيهم ونِسبتِهم إلى قِلِّةِ الدِّينِ -مع إجماعِ أهلِ العِلمِ على فَضلِهم- خُصوصًا أشهَبُ ما لا أستَبيحُ ذِكْرَه، ووَرعُ مالِكٍ ودِينُه يُنافي ما اشتَملَ عليهِ «كِتاب السِّرِّ»، وهو جُزءٌ لَطيفٌ، نحوُ ثَلاثينَ ورَقةً. انتهى.

وقالَ ابنُ عرَفةَ: سَمِعَ عيسى ابنَ القاسِمِ ما أدرَكْتُ مَنْ يَقتدِي به يَشكُّ فيهِ، حدَّثَني رَبيعةُ عن سعيد بنِ يَسارٍ عنِ ابنِ عُمرَ: لا بأسَ به.

وأباحَهُ ابنُ القاسِمِ قائلًا: لا آمُرُ به، ولا أحِبُّ أنَّ لي مِلءَ المَسجدِ الأعظَمِ وأفعَلَه، وكلُّ مَنْ استِشارَني فيه آمُرُه بتَركِه. انتهى.

وقالَ البُرزُليُّ: لقيَ أشهَبُ رَجلًا أُراهُ مِنْ أهلِ العِراقِ ممَّن يقولُ بتَحريمِه -يعنِي الوَطءَ في الدُّبرِ- فتَكلَّمَ فيه، فقالَ أشهَبُ بتَحليلِه، وقالَ الرَّجلُ بتَحريمِه، فتَحاجَّا حتَّى قطَعَه أشهَبُ بالحُجةِ، فقالَ له أشهَبُ: أمَّا أنا


(١) «تفسير القرطبي» (٣/ ٩٣، ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>