للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالِكيةُ: يَجوزُ النَّظرُ إلى المَرأةِ المُتَجالَّةِ -وهي الكَبيرةُ الَّتي لا أرَبَ للرِّجالِ فيها، مُشتقَّةٌ مِنْ التَّجلِّي وهو الظُّهورُ- ولا تُحجَبُ؛ لانقِطاعِ أرَبِها مِنْ النكاحِ، وإنَّما يُباحُ النَّظرُ إليها لمَن لا يُتهَمُ أنْ يَتعلَّقَ بها قَلبُه كالشَّابِّ ولو لغيرِ عُذرٍ؛ للأمْنِ ممَّا يَحصلُ برُؤيةِ الشابَّةِ، والدَّليلُ علاه قَولُه تعالَى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾ [النور: ٦٠] الآية، أي مُتزيِّناتٌ بزِينةٍ خَفيَّةٍ كقِلادةٍ وخَلخالٍ.

وأمَّا الشَّيخُ فلا يَجوزُ له النَّظرُ إليها إلَّا لعُذرٍ؛ إذ قد يَتشوَّفُ إليها، وقَد جاءَ: «لِكُلِّ ساقِطةٍ لاقِطةٌ» (١).

وقالَ الحَنابلةُ في المَذهبِ: يُباحُ النَّظرُ إلى مَنْ لا تُشتهَى، كالعَجوزِ الَّتي لا يُشتهَى مِثلُها، وكذا الشَّوهاءِ الَّتي لا تُشتهَى، والبَرْزةِ الَّتي لا تُشتهَى، والقَبيحةِ ونَحوِهن كمَريضةٍ لا تُشتهَى لا يُرجَى بُرؤُها، إلى غيرِ عَورةِ الصَّلاةِ (٢).


(١) «رسالة ابن أبي زيد القيرواني» (١/ ١٥٨)، و «مواهب الجليل» (٢/ ١٩٠)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ٣١٣)، و «جامع الأمهات» (١/ ٥٦٩)، و «القوانين الفقهية» (١/ ٢٩٤)، و «أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» (٣/ ٢٢٦).
(٢) «كشاف القناع» (٥/ ١١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١٠٤)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>