للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه للوُجوبِ، فيَجبُ عليه أنْ يَذكرَ عُيوبَه، كما يَجبُ على مَنْ عَلِمَ بالمَبيعِ عَيبًا أنْ يُخبِرَ به مَنْ يُريدُ شِراءَه مُطلَقًا، بلِ الأعراضُ أشَدُّ حُرمةً وضَررًا مِنْ الأموالِ؛ لأنَّ فيه تَكشُّف بُضعٍ وهتْكَ سَوأةٍ، وذُو المُروءةِ يَسمحُ في الأموالِ ما لا يَسمحُ في الأعراضِ.

وهلْ لا يَذكرُها إلَّا بعدَ الاستِشارةِ؟ أم أنه يَجبُ ذِكرُها ابتداءً مِنْ غيرِ استشارةٍ؟ قولانِ: أصَحُّهما أنَّ له ذِكرَها ابتداءً.

ومَحلُّ ذِكرِ المَساوِي عندَ الاحتياجِ إليه، فإنِ اندَفعَ بدُونِه بأنْ لم يَحتجْ إلى ذِكرِها كقولِه: «لا تَصلحُ لكَ مُصاهَرتُه» ونَحوَه ك: «لا تَصلحُ لكَ مُعامَلتُه» وجَبَ الاقتصارُ عليه ولم يَجُزْ ذِكرُ عُيوبِه، قالَه في «الأذكار تَبعًا ل «الإحياء»، وهوَ المُعتمَدُ وإنْ نظَرَ فيهِ الأذرَعيُّ، وقياسُه أنه إذا اندَفعَ بذِكرِ بعضِها حَرُمَ عليه ذِكرُ شَيءٍ منِ البعضِ الآخَرِ، كما قالَه ابنُ النَّقيبِ، وإنِ اقتَضَى كلامُ المُصنِّفِ خِلافَه.

قالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ : وغِيبةُ الكافرِ مُحرَّمةٌ إنْ كانَ ذِميًّا؛ لأنَّ فيها تَنفيرًا لهم عن قَبولِ الجِزيةِ وتَركًا لوَفاءِ الذمَّةِ، ولقولِه : «مَنْ سَمَّعَ ذمِّيًّا وجَبَتْ له النَّارُ» رواهُ ابنُ حِبَّانَ في صحَيحِه، ومباحَةٌ إنْ كانَ حَربيًّا؛ لأنَّه كانَ يأمُرُ حسَّانَ أنْ يَهجوَ المُشركينَ.

والحاصِلُ أنَّ الغِيبةَ -وهي ذِكرُ الإنسانِ بما فيهِ ممَّا يَكرَهُ، ولو في مالِه أو وَلدِه أو زَوجتِه أو نحوِ ذلكَ- مُحرَّمةٌ، سواءٌ أذَكَرَه بلَفظٍ أم كِتابةً أم

<<  <  ج: ص:  >  >>