للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ أبا عَمرِو بنَ حَفصٍ طلَّقَها البتَّةَ وهو غائِبٌ، فأرسَلَ إليها وكيلُه بِشَعيرٍ فسَخطَتْه، فقالَ: واللهِ ما لكِ علينا مِنْ شيءٍ، فجاءَتْ رسولَ اللهِ فذكَرَتْ ذلك له، فقالَ: «ليسَ لكِ عليهِ نَفقةٌ»، فأمَرَها أنْ تَعتدَّ في بيتِ أمِّ شَريكٍ، ثمَّ قالَ: «تلك امرأةٌ يَغشَاها أصحابي، اعتَدِّي عندَ ابنِ أمِّ مَكتومٍ، فإنهُ رَجلٌ أعمَى تَضعينَ ثِيابَكِ، فإذا حلَلْتِ فآذِنيني»، قالَتْ: فلمَّا حلَلْتُ ذكَرْتُ له أنَّ مُعاويةَ بنَ أبي سُفيانَ وأبا جَهمٍ خطَبانِي، فقالَ رسولُ اللهِ : «أمَّا أبو جَهمٍ، فلا يَضعُ عَصاهُ عَنْ عاتِقِه، وأمَّا مُعاويةُ فصُعلوكٌ لا مالَ له، انكِحِي أُسامةَ بنَ زَيدٍ» فكَرهْتُه، ثمَّ قالَ: «انكِحِي أُسامةَ»، فنكَحْتُه، فجعَلَ اللهُ فيه خيرًا، واغتبَطْتُ به» (١) (٢).

وقالَ الشَّافعيةُ: مَنْ استُشيرَ في خاطِبٍ أو مَخطوبةٍ أو غيرِهما ممَّن أرادَ الاجتماعَ عليهِ لنَحوِ مُعامَلةٍ أو مُجاوَرةِ كالرِّوايةِ عنهُ أو القَراءةِ عليه ذكَرَ المُستشارُ مَساويهِ -أي عُيوبَه- بصِدقٍ ليَحذَرَ، بَذْلًا للنَّصيحةِ الواجِبةِ، لا للإيذاءِ والوَقيعةِ؛ لقولِ النبيِّ لفاطمةَ بنتِ قَيسٍ : «أمَّا أبو جَهمٍ فلا يَضعُ عَصاهُ عن عاتِقِه، وأمَّا مُعاويةُ فصُعلوكٌ لا مالَ له … » (٣).

وهل هذا على سَبيلِ الوُجوبِ أم النَّدبِ؟ قَولانِ في المَذهبِ، الصَّحيحُ


(١) رواه مسلم (١٤٨٠).
(٢) «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٧١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ١٢)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٤٦، ٤٧)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥٤٢).
(٣) رواه مسلم (١٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>