للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَطءٍ أو خَلوةٍ، أو لنِصفِه كطَلاقٍ ونحوِه، فلا رُجوعَ له في الهديةِ إذنْ؛ لأنَّ زَوالَ العَقدِ ليسَ مِنْ قِبَلها، وهوَ المُفوِّتُ على نَفسِه.

وإنْ كانَتِ العَطيةُ لغيرِ العاقدِينِ بسَببِ العَقدِ، كأُجرةِ الدلَّالِ ونَحوِها كأُجرةِ الكيَّالِ والوزَّانِ قالَ ابنُ عَقيلٍ في «النَّظريات»: إنْ فُسخَ بَيعٌ بإقالةٍ ونحوِها ممَّا يَقفُ على تَراضٍ مِنْ العاقدَينِ لم يَرُدَّ الدلَّالُ ما أخَذَه، وإنْ لم يَقفِ الفَسخُ على تراضِيهما كالفَسخِ لعَيبٍ ونحوِه رَدَّ الدلَّالُ ما أخَذَه؛ لأنَّ المَبيعَ وقَعَ مُتردِّدًا بينَ اللُّزومِ وعَدمِه، وقِياسُ المَبيعِ نكاحٌ فُسخَ لفَقدِ كَفاءةِ الزَّوجِ، أو ظُهورِ عَيبٍ في أحَدِهما فيَردُّه، أي يَردُّ الخاطِبُ ما أخَذَه مِنْ الزَّوجينِ أو مِنْ أحَدِهما بسَببِ توسُّطِه التَّزويجَ؛ لأنه أخَذَ على عَقدٍ لم يَسلمْ، ولا يَردُّ المأخوذَ إنِ انفَسخَ النكاحُ لردَّةٍ ورَضاعٍ ومُخالَعةٍ (١).


(١) «كشاف القناع» (٥/ ١٧٠، ١٧١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٢٧١، ٢٧٢)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٢١٥، ٢١٦)، و «منار السبيل» (٣/ ٢٣، ٢٤)، وقالَ المِرداويُّ في «الإنصاف» (٨/ ٢٩٦، ٢٩٧): هديةُ الزوجةِ ليستْ مِنْ المهرِ، نصَّ عليه، فإنْ كانتْ قبلَ العقدِ وقد وَعدُوه بأنْ يزوِّجُوه فزوَّجُوا غيرَه رجَعَ بها، قالَه الشيخُ تقيُّ الدينِ ، واقتَصرَ عليه في «الفُروع».
قلتُ: وهذا ممَّا لا شكَّ فيه، وقالَ الشيخُ تقيُّ الدينِ أيضًا: ما قُبضَ بسببِ النكاحِ فكَمَهرٍ، وقالَ أيضًا: ما كُتبَ فيه المهرُ لا يَخرجُ منها بطلاقِها.
وقالَ في القاعدةِ الخَمسينَ بعدَ المائةِ: حكَى الأثرمُ عن الإمامِ أحمدَ في المَولى يتزوَّجُ العرَبيةَ يُفرَّقُ بينَهُما، فإنْ كانَ دفَعَ إليها بعضَ المهرِ ولم يَدخلْ بها يَردُّوه، وإنْ كانَ أهدَى هديةً يَردُّونها عليهِ، قالَ القاضي في «الجامِع»: لأنَّ في هذه الحالِ يَدلُّ على أنه وهَبَ بشرطِ بقاءِ العقدِ، فإذا زالَ ملَكَ الرجوعَ، كالهبةِ بشرطِ الثَّوابِ. انتهى.
وهذا في الفُرقةِ القَهريةِ لفَقدِ الكفاءةِ ونحوِها ظاهِرٌ، وكذا الفُرقةِ «الاختياريةِ» المُسقِطةِ للمهرِ، فأمَّا الفسخُ المقرِّرُ للمهرِ أو لنِصفِه فتَثبتُ معه الهَديةُ، وإنْ كانتِ العَطيةُ لغيرِ المتعاقدَينِ بسببِ العقدِ كأجرةِ الدلَّالِ والخاطِبِ ونحوِهما ففِي «النَّظريات» لابنِ عَقيلٍ: إنْ فُسخَ البيعُ بإقالةٍ ونحوِها لم يَقفْ على التَّراضي فلا تُردُّ الأجرةُ، وإنْ فُسخَ بخِيارٍ أو عَيبٍ رُدَّتْ؛ لأنَّ البيعَ وقَعَ مُترددًا بينَ اللزومِ وعَدمِه، وقياسُه في النكاحِ أنه إنْ فُسخَ لفَقدِ الكفاءةِ أو لعَيبِه رُدَّت، وإنْ فُسخَ لردَّةٍ أو رَضاعٍ أو مُخالَعةٍ لم تُردَّ. انتهى. نقلَه صاحِبُ «القَواعِد».

<<  <  ج: ص:  >  >>