للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ذُكرَ مِنْ أنَّ غيرَ القَريبةِ أَولى هو ما صرَّحَ به في زِيادة الرَّوضة، لكنْ ذكَرَ صاحِبُ «البَحر» و «البَيان» أنَّ الشَّافعيَّ نَصَّ على أنه يُستحبُّ له أنْ لا يَتزوَّجَ مِنْ عَشيرتِه؛ وعللَّهُ الزَّنْجانِيُّ بأنَّ مِنْ مَقاصدِ النكاحِ اتصالُ القَبائلِ لأجْلِ التعاضُدِ والمعاوَنةِ واجتماعِ الكَلمةِ. اه.

والأَولى حَملُ كَلامِ الشافعيِّ على عَشيرتِه الأقرَبينِ، ولا يشكلُ ذلكَ بتزوُّجِ النبيِّ زينبَ مع أنها بنتُ عمَّتِه؛ لأنهُ تزوَّجَها بَيانًا للجَوازِ، ولا بتزوُّجِ عليٍّ فاطمةَ ؛ لأنها بَعيدةٌ في الجُملةِ؛ إذْ هي بنتُ ابنِ عمِّه، وأيضًا بَيانًا للجَوازِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : ويَختارُ الأجنَبيةَ؛ فإنَّ ولَدَها أنجَبُ، ولهذا يُقالُ: «اغتَربُوا لا تَضْوُوا» يعني: انكِحُوا الغَرائبَ كَيلا تَضعُفَ أولادُكم، وقالَ بعضُهم: الغَرائبُ أنجَبُ وبناتُ العمِّ أصبَرُ.

ولأنهُ لا تُؤمَنُ العَداوةُ في النكاحِ وإفضاؤُه إلى الطَّلاقِ، فإذا كانَ في قَرابتِه أفضَى إلى قَطيعةِ الرَّحمِ المأمورِ بصِلتِها، واللهُ أعلَمُ (٢).

فهذهِ هي الخِصالُ المُرغبةُ في النِّساءِ، ويجبُ على الوليِّ أيضًا أنْ يُراعيَ خِصالَ الزَّوجِ، ولْيَنظرْ لكَريمتِه فلا يُزوِّجْها ممَّن ساءَ خلُقُه أو خَلقُه،


(١) «مغني المحتاج» (٤/ ٢١٤).
(٢) «المغني» (٧/ ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>