للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَوهوبَ والمَوروثَ، ولأنَّه يَمتنِعُ بمَهرِ المِثلِ وبالقيمةِ؛ لأنَّها ليسَت عِوضَ الشِّقصِ، فلا يَجوزُ الأخْذُ بها كالمَوروثِ فيتعَذَّرُ أخْذُه، ولأنَّه ليسَ له عِوضٌ يُمكنُ الأخِذُ به، فأشبَهَ المَوهوبَ والمَوروثَ، وفارَقَ البَيعَ فإنَّه أمكَنَ الأخْذُ بعِوضِه (١).

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّ الشُّفعةَ تَثبُتُ فيما مُلكَ بمُعاوَضةٍ مَحضةٍ كالبَيعِ، أو غيرِ مَحضةٍ كالمَهرِ وعِوضِ خُلعٍ وصُلحِ دَمٍ.

قالَ المالِكيةُ: كلُّ شِقصٍ مُلكَ بعِوضٍ ففيه الشُّفعةُ إلا أنْ يَعرضَ ما يَقطَعُها بأيِّ نَوعٍ كانَ من التَّمليكاتِ، من بَيعٍ أو إِجارةٍ أو خُلعٍ أو مَهرٍ أو صُلحٍ من أَرشِ جِنايةٍ أو قيمةِ مُتلَفٍ أو دَمٍ عَمدٍ أو خَطأٍ أو غيرِ ذلك من أَنواعِ المُعاوَضاتِ؛ لعُمومِ قَولِ النَّبيِّ : «الشَّريكُ شَفيعٌ»، وقَولِه : «الشُّفعةُ فيما لم يُقسَمْ» ولم يُفرَّقْ، ولأنَّه نَوعُ مُعاوَضةٍ يُملَكُ به ما تَجبُ فيه الشُّفعةُ فجازَ أنْ تُستحَقَّ به الشُّفعةُ كالبَيعِ.

إنَّما قُلنا: إنَّ الشُّفعةَ واجِبةٌ في أَنواعِ المُعاوَضاتِ لاتِّفاقِهم على ذلك في البَيعِ، فكانَ كلُّ عِوضٍ بمَثابتِه، وقُلنا: إنَّ الشُّفعةَ في النِّكاحِ والخُلعِ؛ لأنَّ النِّكاحَ نَوعُ مُعاوَضةٍ، فإذا مُلكَ به ما يَجبُ فيه الشُّفعةُ جازَ أنْ يُستحَقَّ كالبَيعِ.

وإذا وجَبَت الشّفعةُ في المَهرِ فإنَّها تُؤخَذُ بقيمةِ الشِّقصِ؛ لأنَّ ذلك أعدَلُ بينَ الشَّفيعِ والمَرأةِ.


(١) «المغني» (٥/ ١٨٢، ١٨٣)، و «الكافي» (٢/ ٤١٨)، و «المبدع» (٥/ ٢٠٤)، و «الإنصاف» (٦/ ٢٥٢، ٢٥٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ١٦٧، ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>