للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو تَزوَّجَها على دارٍ على أنْ تَردَّ عليه ألفًا فلا شُفعةَ في جَميعِ الدارِ عندَ أَبي حَنيفةَ ؛ لأنَّ مَعنى البَيعِ فيه تابِعٌ، ولا شُفعةَ في الأَصلِ فكذا في التَّبعِ، ولأنَّ الشُّفعةَ شُرِعت في المُبادَلةِ الماليةِ المَقصودةِ، حتى إنَّ المُضارِبَ إذا باعَ دارًا وفيها رِبحٌ لا يَستحِقُّ رَبُّ المالِ الشُّفعةَ في حِصةِ الرِّبحِ لكَونِه تابِعًا فيه.

وقالَ أَبو يُوسفَ ومُحمدٌ: تَجبُ في حِصةِ الألفِ؛ لأنَّه مُبادَلةٌ ماليةٌ في حَقِّه.

وكذا لا شُفعةَ في دارٍ إنْ صالَحَ عنها بإِنكارٍ، فإنْ صالَحَ عليها بإِقرارٍ وجَبَت الشُّفعةُ؛ لأنَّه إذا صالَحَ عنها بإِنكارٍ بَقيَت الدارُ في يَدِه، فهو يَزعمُ أنَّها لم تَزُلْ عن مِلكِه، وكذا إذا صالَحَ عنها بسُكوتٍ؛ لأنَّه يَحتمِلُ أنَّه بذَلَ المالَ افتِداءً ليَمينِه وقَطعًا لشَغبِ خَصمِه، كما إذا أنكَرَ صَريحًا، بخِلافِ ما إذا صالَحَ عنها بإِقرارٍ؛ لأنَّه مُعتَرِفٌ بالمِلكِ للمُدَّعي وإنَّما استَفادَه بالصُّلحِ فكانَ مُبادَلةً ماليةً، أمَّا إذا صالَحَ عليها بإِقرارٍ أو سُكوتٍ أو إِنكارٍ وجَبَت الشُّفعةُ في جَميعِ ذلك؛ لأنَّه أخَذَها عِوضًا عن حَقِّه في زَعمِه إذا لم يَكُنْ من جِنسِه فيُعامَلُ بزَعمِه (١).

وقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ: لا شُفعةَ فيما عِوَضُه غيرُ المالِ كالصَّداقِ وعِوضِ الخُلعِ والصُّلحِ عن دَمِ العَمدِ، نَحوَ أنْ يَجعلَ الشِّقصَ مَهرًا أو عِوضًا في الخُلعِ أو في الصُّلحِ عن دَمِ العَمدِ؛ لأنَّه مَملوكٌ بغيرِ مالٍ، أشبَهَ


(١) «المبسوط» (٥/ ٧٨)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ١١)، و «الهداية» (٤/ ٣٥، ٣٦)، و «العناية» (١٣/ ٤٨٦)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٩٣، ٣٩٤)، و «اللباب» (١/ ٥٠٧، ٥٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>