للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانَ الجارُ يَخافُ التأذِّيَ بالمُجاورةِ على وَجهِ اللُّزومِ كانَ كالشَّريكِ يَخافُ التأذيَ بشَريكِه على وَجهِ اللُّزومِ (١).

ورُويَ عن أبي رافِعٍ: أنَّ سَعدًا ساوَمَه بَيتًا بأربَعمِئةِ مِثقالٍ، فقالَ: لولا أنِّي سمِعتُ رَسولَ اللهِ يَقولُ: «الجارُ أحَقُّ بصَقبِه» لمَا أعطَيتُك (٢).

وعن إِبراهيمَ بنِ مَيسَرةَ قالَ: سمِعتُ عَمرَو بنَ الشَّريدِ قالَ: جاءَ المِسورُ بنُ مَخرَمةَ فوضَعَ يَدَه على مَنكِبي، فانطَلَقت معه إلى سَعدٍ فقالَ أَبو رافِعٍ للمِسورِ: ألَا تأمُرُ هذا أنْ يَشتَريَ مني بَيتي الذي في داري؟ فقالَ: لا أَزيدُه على أربَعِمِئةٍ، إمَّا مُقطَّعةً وإمَّا مُنجَّمةً. قالَ: أُعطيتُ خَمسَمِئةٍ نَقدًا. فمنَعتُه، ولولا أنِّي سمِعتُ النَّبيَّ يَقولُ: «الجارُ أحَقُّ بصَقَبِه» ما بِعتُكَه أو قالَ: ما أعطَيتُكَه (٣)، والصَّقبُ المُلاصِقُ، أي: أحَقُّ بما يَليه وبما يَقرُبُ منه، ورُويَ: «الجارُ أحَقُّ بشُفعتِه»، وهذا نَصٌّ في البابِ.

ففي هذا دَليلٌ على أنَّ مَنْ أرادَ بَيعَ مِلكِه فإنَّه يَنبَغي له أنْ يَعرضَه على جارِه لمُراعاةِ حَقِّ المُجاوَرةِ، قالَ : «ما زالَ جِبريلُ يُوصيني بالجارِ حتى ظنَنتُ أنَّه سيُورِّثُه»، ولأنَّه أقرَبُ إلى حُسنِ العِشرةِ والتَّحرُّزِ عن الخُصومةِ والمُنازعةِ، فلهذا فعَلَه سَعدٌ وحَطَّ عنه من الثَّمنِ لتَحقيقِ هذا المَعنى.


(١) «إعلام الموقعين» (٢/ ١٤٦، ١٤٧).
(٢) أخرجه البخاري (٦٥٧٧).
(٣) أخرجه البخاري (٦٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>