والثانِي: دَليلُ الخِطابِ، وهو أنَّه لمَّا علَّقَها بغيرِ المَقسومِ دَلَّ على أنَّ المَقسومَ بخِلافِه.
والثالِثُ: نصُّه على سُقوطِها مع القِسمةِ.
ولأنَّه مِلكٌ مَحوزٌ بحُدودٍ، أَصلُه إذا كانَ بينَهما طَريقٌ نافِذٌ، ولأنَّ كلَّ شُفعةٍ تُستحَقُّ بالشَّركةِ فإنَّها تَسقطُ مع القِسمةِ، أصلُه الدارُ تَكونُ بينَ ثَلاثةٍ، فإنَّ لكلِّ واحِدٍ منهم الشُّفعةَ فيما يَبيعُ شَريكُه، فإذا قَسَّموها وجُعلَ بابُ أحدِهم في الوَسطِ، وبابُ كلِّ واحِدٍ من الآخَرينَ في الطَّرفِ، ثم باعَ صاحِبُ الطَّرفِ، فإنَّ الشُّفعةَ لصاحِبِ الوَسطِ، ولا يَكونُ لصاحِبِ الطَّرفِ الآخَرِ شُفعةٌ فيما يَبيعُه صاحِبُ الطَّرفِ الآخَرِ، وقد كانَت له شُفعتُه في هذا المَبيعِ قبلَ القِسمةِ، وإنَّما سقَطَت بالقِسمةِ (١).
وذهَبَ الحَنفيةُ والإِمامُ أَحمدُ في رِوايةٍ وهو اختيارُ شَيخِ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ وابنُ القَيمِ إلى أنَّ الشُّفعةَ تَثبُتُ للجارِ، وذلك لمَا رُويَ عن النَّبيِّ
(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ١٣١، ١٣٢)، رقم (٩٨٨)، ويُنْظَر: «التمهيد» (٧/ ٤٦، ٥٠)، و «الإشراف» لابن المنذر (٦/ ١٥٢، ١٥٣)، و «شرح صحيح البخاري» (٦/ ٣٨٠)، و «بداية المجتهد» (٢/ ١٩٣، ١٩٤)، و «شرح الزرقاني» (٣/ ٤٧٦)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١٥١)، و «البيان» (٧/ ١٠١، ١٠٢)، و «شرح صحيح مسلم» (١١/ ٤٦)، و «المبدع» (٥/ ٢٠٩)، و «كشاف القناع» (٤/ ١٦٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ١٩٥، ١٩٦)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ١٠٦)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٦٩)، و «الإفصاح» (٢/ ٢٠).