للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبيعُك إياه»، أو يَقولَ له المُشتَري: «اشتَرِه مني»، فيَقولَ الشَّفيعُ: «نَعم»، فتَسقُطَ به شُفعتُه، وكذا إذا آجَرَه من الشَّفيعِ على ما بيَّنَّا، ومن الحِيلِ التي تَمنعُ الوُجوبَ أنْ يُوكِّلَه ببَيعِها أو يُضمِّنَه الدَّركَ أو يَجعلَ البائِعُ الخيارَ إليه في عَقدِ البَيعِ، إلى غيرِ ذلك من الحِيلِ التي ذَكَرناها من قبلُ من الحِيلِ، أنْ يُؤجِّرَ المُشتَري البائِعَ شَيئًا ببعضِ العَقارِ الذي يُريدُ شِراءَه كالثَّوبِ مَثلًا يُؤجِّرُه ليَلبَسَه البائِعُ يَومًا بجُزءٍ شائِعٍ من العَقارِ الذي يُريدُ شِراءَه، ثم يَشتَريَ الباقيَ؛ لأنَّه لمَّا ملَّكَه منه جُزءًا شائِعًا صارَ شَريكًا له، وليس للشَّفيعِ فيه شُفعةٌ؛ لأنَّه ملَّكَه بالإِجارةِ، ولا فيما اشتَراه بعدَ ذلك؛ لأنَّ الشَّريكَ أوْلى، وهذه الحِيلةُ لا تَدفعُ إلا الجارَ (١).

وقالَ الإِمامُ ابنُ هُبيرةَ : واختَلَفوا، هل يَجوزُ الاحتِيالُ لإِسقاطِ الشُّفعةِ مِثلَ أنْ يَبيعَ سِلعةً مَجهولةً عندَ مَنْ يَرى ذلك مُسقِطًا للشُّفعةِ، أو بأنْ يُقرَّ له ببعضِ المِلكِ ثم يَبيعَه الباقيَ.

فقالَ أَبو حَنيفةَ والشافِعيُّ: له ذلك. وقالَ مالِكٌ وأَحمدُ: ليس له ذلك (٢).

وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : وقد اتَّفَقوا على أنَّ الاحتِيالَ لإِسقاطِ الشُّفعةِ بعدَ وُجوبِها مَكروهٌ، وإنَّما الخِلافُ فيما قبلَ الوُجوبِ (٣).


(١) «تبين الحقائق» (٥/ ٢٦١).
(٢) «الإفصاح» (٢/ ٢٣).
(٣) «فتح الباري» (١٢/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>