للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باعَني بها بَيعًا، فأرَدتُ أنْ أجحَدَه لمَكانِ حَقِّي الذي كانَ جحَدَني ويَستوفيها من حَقِّي الذي لي عليه؟ (قالَ): سُئلَ مالِكٌ عنها غيرَ مَرةٍ فقالَ: لا يَجحَدُه. (قالَ): فقُلتُ: لِمَ قالَ ذلك مالِكٌ؟ (قالَ) ظَنَنْتُ أنَّه قالَه للحَديثِ الذي جاءَ: «أَدِّ الأَمانةَ إلى مَنْ ائتَمَنَك ولا تَخُنْ مَنْ خانَكَ» (١).

وقالَ ابنُ بَطَّالٍ: اختَلفَ العُلماءُ في الذي يَجحَدُ وَديعةَ غيرِه، ثم يَجِدُ المُودِعُ له مالًا، هل يأخُذُه عِوضًا من حَقِّه أو لا؟

اختَلفَ قَولُ مالِكٍ في ذلك، فرَوى ابنُ القاسِمِ عن مالِكٍ أنَّه لا يَفعلُ، واحتَجَّ بما رُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «أَدِّ الأَمانةَ إلى مَنْ ائتَمَنَك، ولا تَخُنْ مَنْ خانَكَ» (٢).

وأمَّا الحَنابِلةُ فقالَ منهم ابنُ قُدامةَ: مَسألةٌ: قالَ: (ومَن كانَ له على أحَدٍ حَقٌّ فمنَعَه منه وقدِرَ له على مالٍ لم يأخُذْ منه مِقدارَ حَقِّه؛ لمَا رُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «أَدِّ الأَمانةَ إلى مَنْ ائتَمَنَك ولا تَخُنْ مَنْ خانَكَ» رَواه التِّرمذيُّ (٣).

وجُملتُه أنَّه إذا كانَ لرَجلٍ على غيرِه حَقٌّ وهو مُقِرٌّ به باذِلٌ له لم يَكُنْ له أنْ يأخُذَ من مالِه إلا ما يُعطيه بلا خِلافٍ بينَ أهلِ العِلمِ، فإنْ أخَذَ من مالِه شَيئًا بغيرِ إِذنِه لزِمَه رَدُّه إليه، وإنْ كانَ قَدرَ حَقِّه؛ لأنَّه لا يَجوزُ أنْ يَملكَ عليه


(١) «المدونة الكبرى» (١٥/ ١٦٠).
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٦/ ٥٨٤).
(٣) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>