للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالِكِه، وإلا يَضمَنْه الغاصِبُ لرَبِّه ويَسقُطْ عنه من قيمَتِه الذي انتفَعَ به رَبُّه، أنْ لو كانَ ذلك من الطَّعامِ الذي شأنُه أكلُه، كما إذا كانَ الطَّعامُ يُساوي عَشرةَ دَنانيرَ ويَكفي مالِكَه من الطَّعامِ الذي يَليقُ به بنِصفِ دِينارٍ، فإنَّ الغاصِبَ يَغرَمُ له تِسعةً ونِصفًا، ويَنبَغي إذا أكَلَه بغيرِ إِذنِ الغاصِبِ أنْ يُقيَّدَ بما إذا أكَلَه قبلَ فَوتِه، وأمَّا إنْ أكَلَه بعدَما فاتَ عندَ الغاصِبِ ولزِمَته القيمةُ فإنَّه يَرجعُ عليه بقيمَتِه؛ لأنَّه قد أكَلَ ما هو مِلكٌ للغاصِبِ، ويَرجعُ رَبُّه على الغاصِبِ بقيمَتِه، وقد تَختلِفُ القيمَتانِ (١).

وأمَّا الشافِعيةُ فقالَ الإِمامُ النَّوويُّ : وإذا أتلَفَ القابِضُ من الغاصِبِ نُظرَ، إنِ استقَلَّ بالإِتلافِ فقَرارُ الضَّمانِ عليه.

وإنْ حمَلَه الغاصِبُ عليه بأنْ غصَبَ طَعامًا فقدَّمَه إليه ضيافةً فأكَلَه فالقَرارُ على الآكِلِ إنْ كانَ عالِمًا، وكذا إنْ كانَ جاهِلًا على الأظهَرِ المَشهورِ في الجَديدِ، فعلى هذا إنْ ضمَّنَه لم يَرجِعْ على الغاصِبِ، وإنْ ضمَّنَ الغاصِبَ رجَعَ عليه، وعلى القَولِ الآخَرِ بالعَكسِ، هذا إذا قدَّمَه إليه وسكَتَ، فإنْ قالَ: «هو مِلكي»، فإنْ ضمَّنَ الآكِلَ ففي رُجوعِه على الغاصِبِ القَولانِ، وإنْ ضمَّنَ الغاصِبَ فالمَذهبُ أنَّه لا يَرجعُ قَطعًا؛ لأنَّه مُعتَرِفٌ بأنَّه مَظلومٌ فلا يَرجعُ على غيرِ ظالِمِه.

وقالَ المُزنِيُّ: يَرجعُ عليه، وغلَّطَه الأَصحابُ (٢).


(١) «شرح مختصر خليل» (٦/ ١٤١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٧٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٩٧).
(٢) «روضة الطالبين» (٣/ ٦٤١، ٦٤٢)، و «الأشباه والنظائر» للسبكي ص (٣٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>