قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وأمَّا ما تلِفَ من الأرضِ بفِعلِه أو بسَببِ فِعلِه كهَدمِ حِيطانِها وتَغريقِها وكَشطِ تُرابِها وإِلقاءِ الحِجارةِ فيها أو نَقصٍ يَحصُلُ بغَرسِه أو بِنائِه فيَضمَنُه بغيرِ اختِلافٍ في المَذهبِ ولا بينَ العُلماءِ؛ لأنَّ هذا إِتلافٌ، والعَقارُ يُضمَنُ بالإِتلافِ من غيرِ اختِلافٍ، ولا يَحصُلُ الغَصبُ من غيرِ استِيلاءٍ (١).
وذهَبَ أبو حَنيفةَ وأبو يُوسفَ وأَحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا يُتصوَّرُ غَصبُ العَقارِ؛ لأنَّ الغَصبَ بإِزالةِ يَدِ المالِكِ بفِعلٍ في العَينِ، وهذا لا يُتصوَّرُ في العَقارِ؛ لأنَّ يدَ المالِكِ لا تَزولُ إلا بالنَّقلِ والتَّحويلِ، وذا لا يُتصوَّرُ في العَقارِ، وإنَّما يُتصوَّرُ فيه مَنعُ المالِكِ عنه، ومَنعُ المالِكِ تَصرفٌ فيه لا في العَقارِ، فصارَ كما إذا بَعَّدَ المالِكَ عن مَواشيه حتى تلِفَت بذلك.
ولأنَّ العَقارَ في المَكانِ الذي كانَت يدُ صاحِبِه ثابِتةً عليه فلا يُضمَنُ، والغَصبُ إنَّما يَتحقَّقُ في النَّقلِ والتَّحويلِ.
وعليه إذا تلِفَ تحتَ يَدِه بلا تَعدٍّ ولا تَفريطٍ فلا ضَمانَ عليه، ولا
(١) «المغني» (٥/ ١٤٠، ١٤١)، ويُنْظَر: «شرح الزركشي» (٢/ ١٥٨، ١٥٩)، و «مختصر اختلاف العُلماء» (٤/ ١٧٦)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٢٢، ١٢٣)، و «الاختيار» (٣/ ٧٥)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٣٦، ١٣٧)، و «اللباب» (١/ ٦٣١)، و «اللإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ١٢٦، ١٢٧)، رقم (٩٨٣)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٦٤٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٨٧، ٢٨٨)، و «النجم الوهاج» (٥/ ١٦٩، ١٧٠)، و «الديباج» (٢/ ٣٨٠).