للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبيَّ قالَ: «مَنْ ظلَمَ قيدَ شِبرٍ من الأرضِ طُوِّقه من سَبعِ أَرضينَ» (١). فأخبَرَ النَّبيُّ أنَّه يُغصَبُ ويُظلَمُ فيه.

وعن الأشعَثِ بنِ قَيسٍ أنَّ رَجلًا من كِندةَ ورَجلًا من حَضرَموتَ اختَصَما إلى رَسولِ اللِه في أرضٍ باليَمنِ، فقالَ الحَضرَميُّ: يا رَسولَ اللهِ، أرضي اغتصَبَها هذا وأَبوه. فقالَ الكِنديُّ: يا رَسولَ اللهِ، أرضي ورِثتُها من أَبي. فقالَ الحَضرَميُّ: يا رَسولَ اللهِ، استَحلِفْه أنَّه ما يَعلَمُ أنَّها أرضي وأرضُ والِدي اغتَصَبها أَبوه. فتَهيَّأ الكِنديُّ لليَمينِ، فقالَ رَسولُ اللهِ : «إنَّه لا يَقتطِعُ عبدٌ أو رَجلٌ بيَمينِه مالًا، إلا لَقيَ اللهَ يَومَ يَلقاه وهو أجذَمُ»، فقالَ الكِنديُّ: هي أرضُه وأرضُ والِدِه (٢).

ولأنَّ كلَّ مَعنًى يُضمَنُ به ما يُنقلُ ويُحوَّلُ من الأَعيانِ فإنَّه يُضمَنُ به ما لا يُنقلُ منها ولا يُحوَّلُ، كالقَبضِ في البَيعِ، ولأنَّ العَقارَ والنَّخلَ والشَّجرَ أَعيانٌ تُضمنُ بالقَبضِ في عَقدٍ، فوجَبَ أنْ تُضمَنَ بالغَصبِ، ولأنَّه سَببٌ للضَّمانِ فوجَبَ أنْ يُضمنَ به العَقارُ كالإِتلافِ، ولأنَّ حَقَّ الغَصبِ فيما يُنقَلُ ويُحوَّلُ مَوجودٌ في العَقارِ فتَعلَّقَ به الضَّمانُ.

ولأنَّه يُمكنُ الاستِيلاءُ عليه على وَجهٍ يَحولُ بينَه وبينَ مالِكِه، مِثلَ أنْ يَسكنَ الدارَ ويَمنعَ مالِكَها من دُخولِها، فأشبَهَ ما لو أخَذَ الدابةَ والمَتاعَ.


(١) أخرجه البخاري (٢٣٢١).
(٢) رواه أَحمد (٢١٨٩٨)، والطحاوي في «شرح مشكل الأثار» (٤٤٧٩)، والطبراني في «الكبير» (٦٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>