للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ولأنَّه قبلَ البُلوغِ في حُكمِ الطِّفلِّ الذي لا يَعقلُ ما يَقولُ، ولهذا كانَت أَقوالُه هَدرًا.

قالوا: ولأنَّه لو صَحَّ إِسلامُه لصَحَّت رِدتُه.

قالَ المُصحِّحونَ لإِسلامِه: هو مِنْ أَهلِ قَولِ لا إِلهَ إلا اللهُ، وقد حرَّمَ اللهُ على النارِ مَنْ قالَ: «لا إلهَ إلا اللهُ»، ومَن قالَ: «لا إلهَ إلا اللهُ» دخَلَ الجَنةَ.

قالوا: وهو مَولودٌ على الفِطرةِ التي فطَرَ اللهُ عليها عِبادَه، فإذا تَكلمَ بكَلمةِ الإِسلامِ فقد نطَقَ بمُوجبِ الفِطرةِ، فعمِلَت الفِطرةُ والكَلمةُ عَملَهما.

قالوا: وقد أشارَ النَّبيُّ إلى هذا المَعنى بقَولِه: «كلُّ مَولودٍ يُولدُ على الفِطرةِ» وفي لَفظٍ: «على هذه المِلةِ، فأَبواه يُهوِّدانِه ويُنصِّرانِه ويُمجِّسانِه، حتى يُعربَ عنه لِسانُه، فإما شاكِرًا وإما كَفورًا»، فجعَلَ الغايَةَ إِعرابَ لسانِه عنه، أي بَيانَ لسانِه عنه، فإذا أعرَبَ لسانُه عنه صارَ إما شاكِرًا وإما كَفورًا بالنَّصِّ، ولأنَّه إذا بلَغَ سِنَّ التَّمييزِ وعقَلَ ما يَقولُ صارَ له إِرادةٌ واختيارٌ ونُطقٌ يَترتبُ عليه به الثَّوابُ وإن تأخَّرَ ترتَّبَ عليه العِقابُ إلى ما بعدَ البُلوغِ، فلا يَلزمُ مِنْ انتِفاءِ صِحةِ أَسبابِ العِقابِ انتِفاءُ صِحةِ أَسبابِ الثوابِ، فإنَّ الصَّبيَّ يَصحُّ حَجُّه وطَهارتُه وصَلاتُه وصِيامُه وصَدقتُه وذِكرُه ويُثابُ على ذلك، وإنْ لمْ يُعاقبْه على تَركِه، فبابُ الثَّوابِ لا يَعتمدُ على البُلوغِ، ولمْ يَقمْ دَليلٌ شَرعيٌّ على إِهدارِ أَقوالِ الصَّبيِّ بالكُليةِ، بل الأَدلةُ الشَّرعيةُ تَقتضي اعتبارَ أَقوالِه في الجُملةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>