للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنِ القاسِمِ عن مالِكٍ: ليسَ له عليه أَجرٌ وله النَّفقةُ. وفي رِوايةِ ابنِ وَهبٍ عن مالِكٍ: يَأخُذُها، يَدفعُ إليه أَجرَه وما أنفَقَ عليها (١).

ورَوى وَهبٌ عن مالِكٍ فيمَن ترَكَ دابَّةً وقد قامَت عليه بمَضيعةٍ لا يَأكلُ ولا يَشربُ: فمَن أخَذَها فأَحياها فإنَّه يَأخذُها ويُدفعُ إليه أَجرُه وما أنفَقَ عليها.

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ إلى أنَّ مَنْ ترَكَ دابةً وسيَّبَها في فَلاةٍ أو في مَضيعةٍ أو ترَكَها صاحَبُها لعدَمِ قُدرتِه على علفِها فمرَّ بها إِنسانٌ فأخَذَها وأَحياها وأنفَقَ عليها حتى عادَت إلى حالِها فهي على مِلكِ صاحِبِها، ولا رُجوعَ للمُنفقِ على صاحِبِها بما أنفَقَ عليها؛ لأنَّ الفُقهاءَ لَم يَختلِفوا أنَّه لو أَيسَ مِنْ حَياةِ عَبدِه فخَلَّاه ثُم وجَدَه في يدِ غيرِه فهو أَحقُّ به، كذلك غيرُه (٢).

قالَ الإِمامُ مُحمدُ بنُ الحَسنِ الشَّيبانِيُّ : وذكَرَ عن الشَّعبيِّ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «مَنْ ترَكَ دابَّةً بمَهلكةٍ فهي لمَن أَحياها»، وبظاهِرِ هذا الحَديثِ أخَذَ بَعضُ العُلماءِ فقالُوا: إذا ترَكَ الغَازيُّ دابَّتَه في هَزيمةٍ فأخَذَها مُسلِمٌ آخرُ وأخرَجَها فهو أَحقُّ بها؛ لأنَّ الأوَّلَ ترَكَها مُعرِضًا عنها، وإنَّما كانَ مالِكًا لها لكَونِه مُحرزًا لها بيدِه، فإذا زالَ ذلك التَحقَت بالصَّيودِ فهي لمَن أخَذَها وأَحياها، ولَسنا نأخُذُ به، فإنَّ هذا تَسييبُ أَهلِ


(١) «الإنجاد في أبواب الجهاد» ص (٣٥٧)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٤٤٥).
(٢) «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٤٤٥)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥٧٣)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٢٧)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٢)، و «الفتاوى الفقهية الكبرى» (٣/ ٣٧٣، ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>