للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ الحَنابِلةُ إلى أنَّ مَنْ ترَكَ دابَّةً بمَهلكةٍ أو فَلاةٍ لانقِطاعِها بعَجزِها عن مَشيٍ أو عجَزَ مالِكُها عن علفِها بأنْ لَم يَجدْ ما يُعلفُها فترَكَها فأخَذَها إِنسانٌ فأطعَمَها وسَقاها وخلَّصَها ملَكَها؛ لما رَواه أَبو داودَ وغيرُه عن الشَّعبيِّ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «مَنْ وجَدَ دابَّةً قد عجَزَ عنها أَهلُها أنْ يَعلِفُوها فسَيَّبُوها، فأخَذَها فأَحيَاها، فهي له». قالَ عُبيدُ اللهِ-رَاوي الحّديثِ عن الشِّعبيِّ-: فقُلتُ: عمَّن؟ قالَ: عن غيرِ واحِدٍ مِنْ أَصحابِ النَّبيِّ .

وفي رِوايةٍ: «مَنْ ترَكَ دابَّةً بمَهلَكٍ، فأَحياها رَجلٌ فهي لمَن أَحياها» (١).

ولأنَّ في الحُكمِ بمِلكِها إِحياءَها وإِنقاذَها مِنْ الهَلاكِ، وحِفظًا للمالِ عن الضَّياعِ، ومُحافظةً على حُرمةِ الحَيوانِ، وفي القَولِ بأنَّها لا تُملكُ تَضييعٌ لذلك كلِّه مِنْ غيرِ مَصلحةٍ تَحصُلُ، ولأنَّها تُركَت رَغبةً عنها وعَجزًا عن أَخذِها فملَكَها آخذُها كالسَّاقِطِ مِنْ السُّنبلِ وسائِرِ ما يَنبذُه الناسُ رَغبةً عنه (٢).

وقالَ المالِكيةُ: مَنْ ترَكَ دابَّةً بفَلاةٍ أو بمَضيعةٍ فأخَذَها إِنسانٌ فإنَّه يَردُّها على صاحِبِها فإنْ أنفَقَ عليها شيئًا أخَذَه مِنه، وهل له أَجرُه؟ في رِوايةِ


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٣٥٢٤، ٣٥٢٥)، والبيهقي في «الكبرى» (١١٨٩٣، ١١٨٩٤).
(٢) «المغني» (٦/ ٣٣)، و «الكافي» (٢/ ٣٦٢)، و «الفروع» (٤/ ٤٢٦)، و «المبدع» (٥/ ٢٧٦)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٥٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٨٩)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢١٨)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>