للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقِيلَ إنْ وجَدَه في عُمرانٍ وجَبَ البَيعُ؛ لأنَّه مُتيسرٌ فيه فلا يَجوزُ الأَكلُ في هذه الحالَةِ بل يَتعينُ البَيعُ.

فإذا أكَلَه وجَبَ التَّعريفُ في العُمرانِ بعدَه، وإنْ كانَ في الصَّحراءِ فالظاهِرُ أنَّه لا يَجبُ.

وإنْ أمكَنَ بَقاءُ ما يُسرعُ فَسادُه بعِلاجٍ فيه كرَطبٍ يُمكنُ تَجفيفُه ولَبنٍ يَصيرُ أَقطًا فإنْ كانَت الغِبطةُ في بَيعِه بِيعَ جَميعُه بإذنِ الحاكِمِ إن وجَدَه وإلا استِقلالًا، أو كانَت الغِبطةُ في تَجفيفِه وتبَرَّعَ به الواجِدُ له أو غيرُه جفَّفَه؛ لأنَّه مالُ غيرِه فرُوعيَ فيه المَصلحةُ كوَليِّ اليَتيمِ، وإلا بِيعَ بَعضُه بقَدرٍ ما يُساوي التَّجفيفَ لتَجفيفِ الباقِي طَلبًا للأَحظِّ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: ما يُخشى فَسادُه بتَبقيَتِه كطَبيخٍ وبِطيخٍ وفَاكهةٍ وخَضرواتٍ ونَحوِها فيَلزمُ المُلتقطَ فِعلُ الأَحظِّ:

مِنْ أكلِه وعليه قِيمتُه.

ومِن بَيعِه ولو بلا إِذنِ حاكِمٍ وحِفظِ ثَمنِه؛ لأنَّ في كلٍّ مِنهما حِفظًا لمالِيَّتِه على ربِّه وكالحَيوانِ ولا يَجوزُ إِبقاؤُه لأنَّه يَتلفُ، فإنْ ترَكَ المُلتقطُ ما يَخشى فَسادَه بلا أَكلٍ ولا بَيعٍ حتى تلِفَ ضمِنَه؛ لأنَّه مُفرِّطٌ في حِفظِه فهو كالوَديعةِ.

فإنِ استَويا في نَظرِ المُلتقطِ خُيِّرَ بينَهما، فأيُّهما فعَلَ جازَ له.


(١) «النجم الوهاج» (٦/ ٢٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥١١، ٥١٢)، و «الديباج» (٢/ ٥٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>