للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المالِكيةُ فقد جاءَ في «المُدونة» (في لُقطةِ الطَّعامِ):

قلتُ: أرَأَيتَ إنْ التقَطتُ ما لا يَبقى في أَيدي النَّاسِ مِنْ الطَّعامِ؟ قالَ: قالَ مالِكٌ: يَتصدقُ به أَعجبُ إليَّ. قلتُ: وإنْ كانَ شيئًا تافِهًا؟ قالَ: التافِهُ وغيرُ التافِهِ يَتصدقُ به أَعجبُ إلى مالِكٍ. قلتُ: فإنْ أكَلَه وأَتى صاحِبَه أو تَصدَّقَ به، أيَضمنُه؟ قالَ: لا يَضمنُه، مثلُ قَولِ مالِكٍ في الشَّاةِ يَجدُها في فَيافي الأَرضِ إلا أنْ يَجدَها مِنْ غيرِ فَيافي الأَرضِ. قلتُ: وهل كانَ مالِكٌ يُوقِّتُ في الطَّعامِ الذي كانَ يَخافُ عليه الفَسادَ وَقتًا في تَعريفِه؟ قالَ: لَم يَكنْ مالِكٌ يُوقِّتُ فيه وَقتًا (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه مُخيَّرٌ بينَ أَمرينِ إنْ كانَ يُسرِعُ فَسادُه ولا يُمكنُ تَجفيفُه، وإلا جفَّفَه.

قالَ الشافِعيةُ: إنِ التقَطَ ما يُسرِعُ فَسادُه كهَريسةٍ وعِنبٍ لا يَتزبَّبُ ورُطبٍ لا يَتتمَّرُ وكذا البُقولِ الرَّطبةِ والشِّواءِ تَخيرَ آخِذُه بينَ خَصلتينِ:

فإنْ شاءَ باعَه استِقلالًا إنْ لَم يَجدْ حاكِمًا وبإِذنِه إنْ وجَدَه، وعرَّفَ المَبيعَ بعدَ بيعِه ليَتملكَ ثَمنَه بعدَ التَّعريفِ، ولا يُعرِّفُ الثَّمنَ.

وإنْ شاءَ تَملكَه في الحالِ وأكَلَه وغرِمَ قِيمتَه، سَواءٌ أوجَدَه في مَفازةٍ أم عُمرانٍ؛ لأنَّه مُعرضٌ للهَلاكِ فيَتخيرُ فيه كالشَّاةِ. والبَيعُ أَولى بالاتِّفاقِ.


(١) «المدونة الكبرى» (١٥/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>