للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على صاحِبِها فليذهَبْ إلى الحاكِمِ حتى يَفرضَ له النَّفقةَ ويوكِلَ غيرَه بأنْ يَقبضَ تلك النَّفقةَ مِنه ويُنفقَ عليها، ولا يَكونُ للسُّلطانِ أنْ يَأذنَ له أنْ يَنفقَ عليها إلا اليَومَ واليَومينِ، فإنْ جاوزَ ذلك أَمرَ بَبيعِها. وقالَ المُزنِيُّ عنه: إذا أمَرَ الحاكِمُ بالنَّفقةِ كانَت دَينًا، وما ادَّعى قُبلَ مِنه إذا كانَ مِثلَه قَصدًا، وقالَ المُزنِيُّ: لا يُقبلُ قَولُه وليسَ بالأَمينِ (١).

وعندَ الحَنابِلةِ: إنْ أحَبَّ أنْ يُنفقَ على اللُّقطةِ مُحتسِبًا بالنَّفقةِ على مالِكِها وأشهَدَ على ذلك فهل له أنْ يَرجعَ بالنَّفقةِ؟ على رِوايتينِ:

قالَ ابنُ قُدامةَ: إِحداهما: يَرجعُ به، نصَّ عليه في رِوايةِ المَروذيِّ في طَيرةِ مَنٍّ أفرَخَت عندَ قِومٍ، فقَضى أنَّ الفِراخَ لصاحِبِ الطَّيرةِ ويَرجعُ بالعَلفِ إذا لَم يَكنْ مُتطوعًا، وقَضى عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ فيمَن وجَدَ ضالَّةً فأنفَقَ عليها وجاءَ ربُّها بأنَّه يَغرمَ له ما أنفَقَ، وذلك لأنَّه أنفَقَ على اللُّقطةِ لحِفظِها فكانَ مِنْ مالِ صاحِبِها كمُؤنةِ الرُّطبِ والعِنبِ.

والرِّوايةُ الثانيةُ: لا يَرجعُ بشيءٍ، وهو قَولُ الشَّعبيِّ والشافِعيِّ، ولَم يُعجبِ الشَّعبيَّ قَضاءُ عُمرَ بنِ عبدِ العَزيزِ؛ لأنَّه أنفَقَ على مالِ غيرِه بغيرِ إِذنِه فلَم يَرجعْ، كما لو بَنى دارَه، ويُفارقُ العِنبَ والرُّطبَ، فإنَّه ربَّما كانَ تَجفيفُه والإِنفاقُ عليه في ذلك أَحظَّ لصاحِبِه؛ لأنَّ النَّفقةَ لا تَتكررُّ


(١) «التمهيد» (٣/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>