للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ لَم تَكنْ لها مَنفعةٌ وخافَ أنْ تَستغرقَ النَّفقةُ قِيمتَها باعَها وأمَرَ بحِفظِ ثَمنِها؛ إِبقاءً له معنًى عندَ تَعذرِ إِبقائِه صُورةً.

وإنْ كانَ الأَصلحُ الإِنفاقَ عليها أَذنَ الحاكِمُ في ذلك وجعَلَ النَّفقةَ دَينًا على مالِكِها؛ لأنَّه نصَبَ ناظِرًا، وفي هذا نَظرٌ من الجانِبينِ، قالُوا: إنَّما يَأمرُ بالإِنفاقِ يَومينِ أو ثَلاثةَ أَيامٍ على قَدرِ ما يَرى رَجاءَ أنْ يَظهرَ مالِكُها، فإذا لَم يَظهرْ يَأمرُ ببَيعِها؛ لأنَّ استِدامةَ النَّفقةِ مُستأصَلةٌ فلا نَظرَ في الإِنفاقِ مدةً مَديدةً.

وإذا حضَرَ مالِكُها فللمُلتقِطِ أنْ يَمنعَها مِنه حتى يُحضرَ النَّفقةَ؛ لأنَّه أَحيا مِلكَه بنفَقتِه فصارَ كأنَّه استَفادَ المِلكَ مِنْ جِهتهِ فأَشبهَ المَبيعَ؛ وأَقربُ مِنْ ذلك رادُّ الآبقِ، فإنَّ له الحَبسَ لاستِيفاءِ الجُعلِ لمَا ذكَرْنا، ثُم لا يَسقطُ دَينُ النَّفقةِ بهَلاكِه في يدِ المُلتقطِ قبلَ الحَبسِ، ويَسقطُ إذا هلَكَ بعدَ الحَبسِ؛ لأنَّه يَصيرُ بالحَبسِ شَبيهَ الرَّهنِ (١).

قالَ الشافِعيةُ: إنْ أنفَقَ على اللُّقطةِ مُدةَ التَّعريفِ، فإنْ أَرادَ الرُّجوعَ استَأذنَ الحاكِمُ فإنْ لَم يَجدْه أشهَدَ (٢).

وقالَ ابنُ عبدِ البرِّ : وقالَ الشافِعيُّ فيما رَواه عنه الرَّبيعُ في البُويطيِّ: إذا أنفَقَ على الضَّوالِّ مَنْ أخَذَها فهو مُتطوعٌ، فإنْ أَرادَ أنْ يَرجعَ


(١) «الهداية» (٢/ ١٧٦)، و «العناية» (٨/ ٢٠٩، ٢١٠)، و «الاختيار» (٣/ ٣٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٩٣، ١٩٤)، و «اللباب» (١/ ٦٦٤)، و «مجمع الضمانات» (١/ ٤٤٦).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٢١٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥١٠)، و «الديباج» (٢/ ٥٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>