للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجدانِ مالِكِها لها مِنْ تَطلُّبِه لها في رِحالِ النَّاسِ، وفي مَعنى الإِبلِ كلُّ ما امتنَعَ بقُوتِه عن صِغارِ السِّباعِ (١).

وهذا تَفصيلُ كلِّ مَذهبٍ:

قالَ الحَنفيةُ: يَجوزُ التِقاطُ البَعيرِ كما يَجوزُ التِقاطُ الشَّاةِ؛ لما رَواه الإِمامُ مالِكٌ عن يَحيى بنِ سَعيدٍ عن سُليمانَ بنِ يَسارٍ أنَّ ثابتَ بنَ الضَّحاكِ الأَنصاريَّ أخبَرَه «أنَّه وجَدَ بَعيرًا بالحَرَّةِ فعقَلَه، ثُم ذكَرَه لعُمرَ بنِ الخَطابِ فأمَرَه عُمرُ أن يُعرِّفَه ثَلاثَ مَراتٍ، فقالَ له ثابتٌ: إنَّه قد شغَلَني عن ضَيعَتي، فقالَ له عُمرُ: أَرسلْه حيثُ وجَدتَه» (٢).

فهذا عُمرُ بنُ الخَطابِ قد حكَمَ في الضالَّةِ بحُكمِ اللُّقطةِ، وكذلك رُويَ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ في ذلك أيضًا، وهو كما قد رَوى الطَّحاويُّ عن همَّامٍ عن نَافعٍ وابنِ سيرِينَ «أنَّ رَجلًا سألَ عبدَ اللَّهِ بنِ عمرَ فقالَ: إنِّي قد أَصَبتُ ناقَةً. فقالَ: عرِّفْها. فقالَ: عرَّفتُها فلمْ تُعرَفْ. فقالَ: ادفَعْها إلى الوَالي» (٣).

ولأنَّها لُقطةٌ يُتوَّهَمُ ضَياعُها فيُستحبُّ أَخذُها وتَعريفُها صِيانةً لأَموالِ النَّاسِ كما في الشَّاةِ.

ولأنَّه إذا لَم يُخشَ عليها مِنْ السِّباعِ لَم يُؤمَنْ عليها مِنْ يدٍ خائِنةٍ، فنَدبُ


(١) «فتح الباري» (٥/ ٧٠).
(٢) رواه مالك في «الموطأ» (١٤٤٧).
(٣) رواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٤/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>