للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قالَ سحنُونٌ [في المُستَخرَجة]: إنْ أكَلَ الشَّاةَ واجِدُها بالفَلاةِ أو تَصدَّقَ بها ثُم جاءَ صاحِبُها ضمِنَها له، وهذا هو الصَّحيحُ وباللهِ التَّوفيقِ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ في المَشهورِ إلى أنَّه إذا وجَدَها في الصَّحراءِ ولَم يَستطعْ نَقلَها إلى العُمرانِ جازَ له أَكلُها ولا غُرمَ عليه لصاحِبِها ولا تَعريفَ؛ لقَولِ النَّبيِّ : «هي لك أو لأَخيك أو للذِّئبِ» وفي رِوايةٍ: «خُذْها؛ فإنَّما هي لك أو لأَخيك أو للذِّئبِ» وهذا تَنبيهٌ يَدلُّ على أنَّها في حُكمِ المُتلَفةِ، وذلك يَنفي تَعلقَّ الضَّمانِ بها، ولأنَّه لما جازَ له أَخذُها ولَم يُكلَّفْ سوقَها لَم يَجزْ أنْ يُشترطَ عليه الضَّمانُ، ولأنَّ الضَّمانَ إنَّما يَكونُ فيما له قِيمةٌ حالَ وُجودِه بعدَ التَّعريفِ؛ فلَم يَبقَ إلا سُقوطُ الضَّمانِ.

ولَم يُوجبْ فيها تَعريفًا ولا غُرمًا، ولأنَّه سوَّى بينَه وبينَ الذِّئبِ، والذِّئبُ لا يُعرِّفُ ولا يَغرَمُ.

فإنْ تَيسرَ حَملُها وجَبَ عليه حَملُها وتَعريفُها، فإنْ حمَلَها حيَّةً وجَبَ عليه تَعريفُها، وعلى ربِّها أُجرةُ حَملِها، وإنْ حمَلَها مَذبوحةً فربُّها أحقُّ بها إنْ علِمَ قبلَ أَكلِها، وعليه أُجرةُ حَملِها (٢).


(١) «الاستذكار» (٧/ ٢٥٣)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٦/ ٥٥٠، ٥٥١)، و «فتح الباري» (٥/ ٨٣)، و «المغني» (٦/ ٢٨، ٣٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٠٣، ٣٠٤).
(٢) «الإشراف» (٣/ ٢٦٩، ٢٧٠)، رقم (١١١٢)، و «المعونة» (٢/ ٢٢٦)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٤٠، ٤١)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٤١)، و «شرح الزرقاني» (٤/ ٦٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٣٠، ٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>