للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجلَ التَّعريفِ فيما تقدَّمَ مِنْ السِّنينِ، ولَم يَردْ عليه استِقبالُ أَجلِ التَّعريفِ، قالَ: وقد كنتُ سمِعتُه قبلَ هذا أو بعدَه يَقولُ في انقِضاءِ أَجلِ التَّعريفِ: إذا لَم يَجدْ صاحِبَها، أيَتصدَّقُ بمالِ الغيرِ؟ وهذه المَسألةُ قد مَضى نَحوَها فيما إذا لَم يُعرفْ المُلتقِطُ اللُّقطةَ في حَولِها، فإنَّه لا يَملكُها وإنْ عرَّفَها فيما بعدَ ذلك؛ لأنَّ التَّعريفَ بعدَه لا يُفيدُ ظاهِرًا؛ لكَونِ صاحِبُها يئِسَ مِنها وترَكَ طلبَها، وهذه المَسألةُ تَدلُّ على أنَّه إذا ترَكَ التَّعريفَ لعُذرٍ كانَ كتَركِه لغيرِ عُذرٍ؛ لكَونِ الصَّبيِّ مِنْ أَهلِ العُذرِ، وقد ذكَرْنا في هذا وَجهينِ فيما تقدَّمَ.

وقالَ أَحمدُ في غُلامٍ لَم يَبلغْ أصابَ عَشرةَ دَنانيرَ فذهَبَ بها إلى مَنزِلِه فضاعَت فلمَّا بلَغَ أَرادَ ردَّها فلَم يَعرفْ صاحِبَها: تَصدقْ بها، وإنْ لَم يَجدْ عَشرةً وكانَ يَجحفُ به تَصدقْ قَليلًا قَليلًا.

قالَ القاضِي: مَعنى هذا أنَّها تلِفَت بتَفريطِ الصَّبيِّ، وهو أنَّه لَم يُعلِمْ وَليَّه حتى يَقومَ بتَعريفِها.

فصلٌ: فإذا وجَدَ العَبدُ لُقطةً فله أَخذُها بغيرِ إِذنِ سيدِه ويَصحُّ التِقاطُه، وبذا قالَ أَبو حَنيفةَ وهو أَحدُ قَولَي الشافِعيِّ، وقالَ في الآخرِ: لا يَصحُّ التِقاطُه؛ لأنَّ اللُّقطةَ في الحَولِ الأَولِ أَمانةُ وِلايةٍ وفي الثانِي تملُّكٌ والعَبدُ ليسَ مِنْ أَهلِ الوِلاياتِ ولا المِلكِ.

ولنا: عُمومُ الخبَرِ، ولأنَّ الالتِقاطَ سَببٌ يَملكُ به الصَّبيُّ ويَصحُّ مِنه فصحَّ مِنْ العَبدِ كالاحتِطابِ والاصطِيادِ، ولأنَّ مَنْ جازَ له قَبولُ الوَديعةِ صحَّ مِنه الالتِقاطُ كالحُرِّ …

<<  <  ج: ص:  >  >>