للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا مُباشرةُ الأَسبابِ، فإذا أَتى بها ثبَتَ الحُكمُ قَهرًا وجبْرًا مِنْ اللهِ تَعالى، غيرُ مَوقوفٍ على اختِيارِ المُكلَّفِ، وأما الاقتِراضُ فهو السَّببُ في نفسِه فلَم يثبُتْ المُلكُ بدونِه.

واختارَ أَبو الخَطابِّ أنَّها لا تَدخلُ في مُلكِه حتى يَختارَ.

وتُملَكُ اللُّقطةُ مِلكًا مُراعى يَزولُ بمَجيءِ صاحِبِها، ويُضمَنُ له بدلُها إن تعذَّرَ ردُّها.

قالَ ابنُ قُدامةَ : والظاهِرُ أنَّه يَملكُها بغيرِ عِوضٍ يثبُتُ في ذِمتِه، وإنَّما يَتجددُ وُجوبِ العِوضِ بمَجيءِ صاحِبِها كما يَتجدَّدُ زَوالُ المِلكِ عنها بمَجيئِه، وكما يَتجدَّدُ وُجوبُ نِصفِ الصَّداقِ للزَّوجِ أو بَدلِه إنْ تَعذَّرَ ثُبوتُ المِلكِ فيه بالطَّلاقِ، وهذا قَولُ بعضِ أَصحابِ الشافِعيِّ، وقالَ أَكثرُهم: لا يَملكُها إلا بعِوضٍ يَثبتُ في ذِمتِه لصاحِبِها، وهذا قَولُ القاضِي وأَصحابِه، بدَليلِ أنَّه يَملكُ المُطالبةَ به فأَشبَه الفَرضَ.

ولنا: قَولُ النَّبيِّ : «فإنْ جاءَ صاحِبُها وإلا فهي مالُ اللهِ يُؤتِيه مَنْ يشاءُ» فجعَلَها مِنْ المُباحاتِ، ولأنَّه لو ماتَ لَم يُعزَلْ مِنْ تَركتِه بَدلُها، ولا يَستحقُّ أنْ يَأخذَ مِنْ الزَّكاةِ بسَببِ الغُرمِ، ولا يَلزمُه أنْ يُوصيَ به، ولا يَمتنعُ وُجوبُ الزَّكاةِ في مالِه بسَببِ الدَّينِ، ولا يَثبتُ شيءٌ مَنْ أَحكامِ الدَّينِ في حقِّه، وانتِفاءُ أَحكامِه دَليلٌ على انتِفائِه، وقالَ القاضِي: يَمنعُ ذلك وُجوبَ الزَّكاةِ، ولأنَّه لو ملَكَها بعِوضٍ لَم يَزلْ مُلكُه عنها بمَجيءِ صاحِبِها ولو وقَفَ مُلكُه لها على رِضاه بالمُعاوضةِ واختِيارِه لأَحدِهما كالقَرضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>