وقالَ الشافِعيةُ: إذا ادَّعَى اللُّقطةَ رَجلٌ مثلًا ولَم يَصفْها بصِفاتِها السابِقةِ ولا بَينةَ له بها مما يُثبتُ بها المُلكَ كالشاهِدِ واليَمينِ ولَم يَعلمْ المُلتقِطُ أنَّها له لَم يَجزْ دَفعُها إليه؛ لحَديثِ:«لو أُعطيَ النَّاسُ بدَعواهم … »، فإنْ أَقامَ بَينةً بذلك أو علِمَ أنَّها له وجَبَ عليه دَفعُها إليه، وعليه العُهدةُ لا إنْ ألزَمَه بتَسليمِها بالوَصفِ حاكِمٌ.
وإذا وصَفَها مُدَّعيها وهو واحِدٌ بما يُحيطُ بجَميعِ صِفاتِها وظنَّ مُلتقَطُها صَدقَه جازَ له الدَّفعُ إليه جَزمًا؛ عَملًا بظنِّه، بل نصَّ الشافِعيُّ على استِحبابِه، ولا يَجبُ على المَذهبِ؛ لأنَّه مُدَّعٍ يَحتاجُ إلى بَينةٍ كغيرِه، ومُتهَمٌ باحتِمالِ سَماعِه لوَصفِها مِنْ نَحوِ مالِكِها.
وفي وَجهٍ: يَجبُ؛ لأنَّ إِقامةَ البَينةِ عليها قد تُعسَرُ.
أمَّا إذا وصَفَها جَماعةٌ فقالَ القاضِي أَبو الطَّيبِ: أجمَعْنا على أنَّها لا تُسلَّمُ إليهم.
وأمَّا إذا لَم يُظنُّ صِدقُه فإنَّه لا يَجبُ الدَّفعُ اتِّفاقًا، ولا يَجوزُ على المَشهورِ، ولو قالَ له المالِكُ تَعلمُ أنَّها لي فله أنْ يَحلفَ أنَّه لا يَعلمُ ذلك.