للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ القاضِي عبدُ الوَهابِ : إذا جاءَ طالِبُ اللُّقطةِ وأَعطى عَلامةَ العِفاصِ والوِكاءِ دُفعَت إليه بغيرِ بَينةٍ.

وقالَ أَبو حَنيفةَ والشافِعيُّ: لا تُدفعُ إلا ببَينةٍ.

فدَليلُنا قَولُه للذي سأَلَه عن اللُّقطةِ: «اعرِفْ عِفاصَها ووِكاءَها ثُم عرِّفْها سَنةً، فإنْ جاءَ صاحِبُها فعرَّفَ عِفاصَها ووِكاءَها فادفَعْها إليه» ورُويَ: «فإنْ جاءَ باغِيها فادفَعْها إليه»، ولأنَّ البَيِّناتِ تَترتبُ في الأُصولِ على حسبِ الأَحوالِ المَشهودِ فيها وما تَدعو الحاجَةُ إليه، فيُجوزُ في الضَّرورةِ ما لا يَجوزُ في غيرِها، وفي هذا المَوضعِ تَدعو الضَّرورةُ إلى ذلك؛ لأنَّ البَينةَ لا تَقوَى على ما يَضيعُ، ولا على صِفةِ أَموالِهم في كلِّ حالٍ، فلو كلَّفنَاهم البَينةَ لأدَّى إلى تَركِ انتِفاعِ النَّاس بأَموالِهم (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: إنْ جاءَ ربُّها فوصَفَها له بصِفاتَها المَذكورةِ ولو بعدَ الحَولِ دُفعَت إليه بلا بَينةٍ، وسَواءٌ غلَبَ على ظنِّه صِدقُه أو لَم يَغلبْ؛ لأنَّ في حَديثِ أُبيِّ بنِ كعبٍ قالَ: «اعلَمْ عِدتَها، ووِعاءَها، ووِكاءَها، فإنْ جاءَ أَحدٌ يُخبرُك بعِدتِها، ووِعائِها، ووِكائِها، فأَعْطِها إياه، وإلا فاستَمتِعْ بها» رَواه أَحمدُ ومُسلمٌ والتِّرمِذيُّ.

وفي حَديثِ زَيدٍ: «فإنْ جاءَ طالِبُها يَومًا مِنْ الدَّهرِ فأدِّها إليه» وفي رِوايةٍ فيه: «فإنْ جاءَ صاحِبُها فعرَفَ عِفاصَها وعَددَها ووِكاءَها فأَعْطِها إياه،


(١) «الإشراف» (٣/ ٢٦٦، ٢٦٧)، رقم (١١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>