للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَصرَ حتى كادَتِ الشَّمسُ تَغرُبُ. فقالَ النَّبيُّ : «واللهِ ما صلَّيتُهَا»، فَقُمنَا إلى بُطحَانَ، فَتوضَّأَ لِلصَلاةِ، وَتوضَّأنَا لها، فَصلَّى العَصرَ بعدَما غرَبتِ الشَّمسُ، ثم صلَّى بعدَها المَغربَ (١).

وعن أبي سَعيدٍ قالَ: حُبِسنَا يومَ الخَندقِ عن الصَّلاةِ حتى كانَ بعدَ المَغربِ بهَوِيٍّ مِنْ اللَّيلِ حتى كُفِينَا، وذلكَ قولُ اللهِ تَعالَى: ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا﴾ [لقمان: ٢٥]، قالَ: فدَعا رَسولُ اللهِ بِلالًا، فأقامَ الظُّهرَ فصلَّاها فأحسَنَ صَلاتَها، كما كانَ يُصلِّيها في وقتِها، ثم أمرَه فأقامَ العَصرَ فصلَّاها فأحسَنَ صَلاتَها، كما كانَ يُصلِّيها في وقتِها، ثم أمرَه فأقامَ المَغربَ فصلَّاها فأحسَنَ صَلاتَها كما كانَ يُصلِّيها في وقتِها، قالَ: وذلك قبلَ أن يُنزِلَ اللهُ ﷿ في صَلاةِ الخَوفِ ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩] (٢).

فقد قَضى النَّبيُّ الصَّلواتِ مُرتبةً، وقالَ: «صَلُّوا كما رَأَيتُمُونِي أُصَلِّي».

ورَوى الإمامُ أحمدُ بإسنادِه عن أبي جمُعةَ حَبيبِ بنِ سِباعٍ، وكانَ قد أدرَكَ النَّبيَّ قالَ: إنَّ النَّبيَّ عامَ الأَحزَابِ صلَّى المَغربَ، فلمَّا فرغَ قالَ: «هل علِم أَحدٌ مِنْكُمْ أنِّي صلَّيتُ العَصرَ؟»، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، ما صلَّيتَهَا، فَأَمرَ المُؤذِّنَ فَأَقامَ الصَّلاةَ، فَصلَّى العَصرَ، ثم أَعادَ المَغربَ (٣)؛ وهذا يدلُّ على وُجوبِ التَّرتِيبِ.


(١) رواه البخاري (٥٩٨)، ومسلم (٢٠٩).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه النسائي (١/ ٢٩٧)، وأحمد (٣/ ٢٥)، وابن خزيمة (٩٩٦).
(٣) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الإمام أحمد (٤/ ١٠٦)، وقال ابن عبد البر في «التَّمهيد» (٦/ ٤٠٩): وهذا حديث مُنكَر يَروِيه ابن لَهِيعةَ عن مَجهولينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>