الخامِسُ: أنْ تَكونَ الوَديعةُ مَنقولًا؛ لأنَّها لو كانَت عَقارًا فإنَّه لا يَضمنُها بالجُحودِ عندَ أَبي حَنيفةَ وأَبي يُوسفَ -رحمهما الله- قِياسًا على الغَصبِ؛ لعدَمِ تَصوُّر غَصبِ العَقارِ عندَهما، خِلافًا لمُحمَّدِ بنِ الحَسنِ في الأَصحِّ؛ لأنَّ الغَصبَ يَجري فيه عندَه، فلو جحَدَه كانَ ضامِنًا.
السادِسُ: أنْ يَكونَ هناك ما يَخافُ عليها منه؛ لأنَّه لو جحَدَها في وَجهِ عَدوٍ يَخافُ عليها التَّلفَ إنْ أقَرَّ أَمامَه ثُم هلَكَت فإنَّه لا يَضمنُها؛ لأنَّه إنما أرادَ بذلك حِفظَها لمالِكِها لا تَضييعَها عليه.
السابِعُ: ألَّا يَحضرَها الوَديعُ بعدَ جَحدِها؛ لأنَّه لو جحَدَها ثُم أحضَرَها فقالَ له صاحِبُها:«دَعْها وَديعةً عندَك» فهلَكَت فإنْ أمكَنَ صاحِبَها أَخذُها فلمْ يَأخذْها فلا ضَمانَ على الوَديعِ؛ لأنَّه إِيداعٌ جَديدٌ، وإنْ لمْ يُمكنْه أَخذُها ضمِنَ؛ لأنَّه لمْ يَتمَّ الردُّ إلى المالِكِ بإِحضارِها عند عَدمِ تَمكُّنِه مِنْ أَخذِها، فلا يَصحُ الإِيداعُ الجَديدُ؛ لأنَّ الإِيداعَ إنما يَكونُ لعَينِ مالِه، وهو إنما يَستحقُّ على المُودَعِ ضَمانَها فهو كالدَّينِ في ذمتِه، والمَضمونُ لا يَصيرُ أَمانةً إلا بعدَ الخُروجِ عن عُهدِة ضَمانِه، وذلك بالتَّسليمِ التامِّ الذي يُمكنُ المالِكُ معَه القَبضَ والتِّسليمَ (١).
(١) «البحر الرائق» (٧/ ٢٧٧، ٢٧٨)، و «حاشية ابن عابدين» (٨/ ٣٥٨، ٣٥٩)، و «مجمع الضمانات» (١/ ٢٣٠)، و «مجمع الأنهر» (٣/ ٣٧١)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٣٥٢).