للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوُجوبُ يَنفِي التَّخيُّرَ، والتَّخيُّرُ يَنفِي الوُجوبَ، ولو ماتَ في الوقتِ لقِيَ اللهَ تَعالى ولا شَيءَ عليه؛ فدلَّ على أنَّ الوُجوبَ يتعلَّقُ بآخرِ الوقتِ، وعليه إذا حاضَتِ المَرأةُ بعدَ دُخولِ الوقتِ، وقبلَ خُروجِه بمِقدارِ الصَّلاةِ، ولم تكُن صلَّت هذه الصَّلاةَ، فلا يجبُ عليها قَضاءُ تلك الصَّلاةِ إذا طَهُرت (١).

وذَهب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابلَةُ إلى أنَّ الصَّلاةَ تَجِبُ بأوَّلِ الوقتِ وُجوبًا مُوَسَّعًا؛ لأنَّ الأمرَ بها يتعلَّقُ بأوَّلِ وقتِها، والأمرُ يَقتَضي الوُجوبَ، ولأنَّه سَببُ الوُجوبِ؛ فتَثبُتُ عُقَيبَه كسائرِ الأسبابِ، ويَستَقِرُّ الوجوبُ بذلك، فلو جُنَّ بعدَ دُخولِ جُزءٍ مِنْ وقتِ الصَّلاةِ، وأمكَنَ فِعلُها، أو حاضَتِ المَرأةُ، لَزِمها القَضاءُ؛ لأنَّه إدراكُ جُزءٍ تَجِبُ به الصَّلاةُ، فاستَقَرَّت به كآخرِ الوقتِ، إلا أنَّه إذا ماتَ وَسَطَ الوقتِ ولم يكن صلَّاها فلا إثم عليه (٢).

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : مَذهبُنا أنَّ الصَّلاةَ تَجِبُ بأوَّلِ الوقتِ وُجوبًا مُوَسَّعًا، ويَستَقِرُّ الوُجوبُ بإمكانِ فِعلِها، وبه قالَ مالِكٌ وأحمدُ وداودُ وأكثرُ العُلماءِ، نقلَه الماوَردِيُّ عن أكثرِ الفُقهاءِ.


(١) «المبسوط» (١/ ٢٣٨)، و «معاني الآثار» (١/ ٣١٦)، و «عمدة القاري» (٥/ ٢٧)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ١١٦).
(٢) الكافي» لابن عبد البر (١/ ٦٣)، و «التَّمهيد» (٣/ ٢٩٢)، و «الذخيرة» (٢/ ٢٢)، و «الحاوي الكبير» (٢/ ٣١)، و «المجموع» (٣/ ٤٩، ٥١)، و «المغني» (١/ ٤٦٨)، و «الإفصاح» (١/ ١١٩)، و «الكافي» (١/ ٩٨)، و «شرح العمدة» (٤/ ٢٢٨)، و «شرح الزَّركشيِّ» (١/ ١٤٣)، و «فتح الباري» لابن رجب (٢/ ٢٥٥، ٢٥٦)، و «فتح الباري» (٢/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>