للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذَهب الحَنفيَّةُ والإمامُ مالِكُ في رِوايةٍ والشافِعيُّ في القَدِيمِ -حَكاهُ أبُو ثَورٍ عنه، وهُو اختِيارُ جَماعةٍ مِنْ مُحقِّقِي الشافِعيَّةِ- والحَنابلَةُ إلى أنَّ آخر وقتِ المَغربِ غُروبُ الشَّفقِ.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : وصحَّح جَماعةٌ القدِيمَ، أي قَديمَ قولِ الشافِعيِّ، وهُو أنَّ لَها وقتَينِ، ممَّن صحَّحهُ مِنْ أصحابِنا أبو بَكرِ بنُ خُزيمةَ، وأبو سُليمانَ الخطَّابيُّ، وأبو بَكرٍ البَيهقِيُّ والغَزاليُّ في إحياءِ عُلومِ الدِّينِ، وفِي دَرسِهِ، والبغَويُّ في التَّهذِيبِ، ونقلَه الرُّويَانِيُّ في الحِليةِ عن أبِي ثَورٍ، والمُزنيُّ وابنُ المُنذرِ وأبو عَبد اللهِ الزُّبَيرِيُّ قالَ: وهُو المُختارُ، وصحَّحهُ أيضًا العِجلِيُّ، والشَّيخُ أبو عَمرِو بنُ الصَّلاحِ.

قُلتُ -أي: النَّوويُّ-: هذا القولُ هو الصَّحِيحُ؛ لِأحادِيثَ صَحِيحةٍ، منها حَديثُ عَبد اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «وقتُ صَلاةِ المَغربِ مَا لم يَغِبِ الشَّفقُ»، وفي رِوايةٍ: «وقتُ المَغربِ ما لم يسقُط ثَورُ الشَّفقِ» (١)، رَواهُ مُسلِمٌ بهذه الألفاظِ كلِّها. وقولُه: ثَورُ الشَّفقِ، أي: ثَوَرَانُه، وعَن أبِي مُوسَى الأشعَرِيِّ في بَيانِ النَّبيِّ لِلسَّائِلِ عَنْ مَواقيتِ الصَّلاةِ قالَ: «ثم أَخرَ المَغربَ حتى كانَ عندَ سُقُوطِ الشَّفقِ» رَوَاهُ مُسلِمٌ (٢).

وعن بُرَيدَةَ «أنَّ النَّبيَّ صلَّى المَغربَ في اليَومِ الثاني قبلَ أن يَغيبَ الشَّفقُ» رَواه مُسلِمٌ (٣). وعن أبي قَتادةَ في حَديثِه السابقِ: «ليس في


(١) مسلم (٦١٢).
(٢)
(٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>