للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ هُبيرةَ : اتَّفقُوا على أنَّ الوَديعةَ أَمانةٌ مَحضةٌ وأنَّها مِنْ القُربِ المَندوبِ إليها، وأنَّ في حِفظِها ثَوابًا، وأنَّ الضَّمانَ لا يَجبُ على المُودَعِ إلا بالتَّعدي، وأنَّ القَولَ قَولُ المُودَعِ في التَّلفِ والرَّدِّ على الإِطلاقِ معَ يَمينِه (١).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختلَفُوا فيما لو ادَّعى المُودَعُ أنَّ الوَديعَة هلَكَت بأَمرٍ ظاهِرٍ، هل يُقبلُ قَولُه معَ يَمينِه بغَيرِ بَينةٍ أم لا بدَّ مِنْ بَينةٍ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ إلى أنَّه يُقبلُ قَولُه مُطلقًا إلا أنَّ يُتَّهمَ فيَحلفُ.

قالَ الحَنفيةُ: إذا ادَّعى المُودَعُ هَلاكَ الوَديعةِ وأَنكرَه المالِكُ فالقَولُ قَولُ المُودَعَ؛ لأنَّ المالِكَ يَدَّعي على الأَمينِ أَمرًا عارِضًا -وهو التَّعدي- والمُودَعُ مُستصحِبٌ لحالِ الأَمانةِ، فكانَ مُتمسِّكًا بالأَصلِ، فكانَ القَولُ قَولَه لكنْ معَ اليَمينِ؛ لأنَّ التُّهمةَ قائِمةٌ فيَستحلِفُ دَفعًا للتُّهمةِ (٢).


(١) «الإفصاح» (٢/ ٥).
(٢) «تحفة الفقهاء» (٣/ ١٨٢)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>