للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك لو وهَبَ نِصفَ دارِه من رَجلٍ ولم يُسلِّمْ إليه، ثم وهَبَ منه النِّصفَ الآخَرَ وسلَّمَ إليه جُملةً جازَ لمَا قُلنا.

ولو وهَبَ منه نِصفَ الدارِ وسلَّمَ إليه بتَخليةِ الكلِ ثم وهَبَ منه النِّصفَ الآخَرَ وسلَّمَ لم تَجُزِ الهِبةُ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما هِبةُ المَشاعِ، وهِبةُ المَشاعِ فيما يُقسَمُ لا تَنفذُ إلا بالقِسمةِ والتَّسليمِ، ويَستَوي فيه الجَوابُ في هِبةِ المَشاعِ بينَ أنْ يَكونَ من أجنَبيٍّ أو شَركةِ شَريكِه، كلُّ ذلك يَجوزُ؛ لقَولِ جَماعةٍ من الصَّحابةِ : «لا تَجوزُ الهِبةُ إلا مَقبوضةً مَحوزةً» من غيرِ فَصلٍ، ولأنَّ المانعَ هو الشُّيوعُ عندَ القَبضِ وقد وُجدَ، وعلى هذا الخِلافِ صَدقةُ المَشاعِ فيما يَنقسِمُ أنَّه لا يَجوزُ عندَنا خِلافًا للشافِعيِّ .

وَجهُ قَولِه: أنَّ الشُّيوعَ لا يَمنعُ حُكمَ التَّصرفِ وهو المِلكُ، ولا شَرطَه وهو القَبضُ، ولا يَمنعُ جَوازَه كالمَفروضِ.

ولنا: أنَّ القَبضَ شَرطُ جَوازِ الصَّدقةِ، ومَعنى القَبضِ لا يَتحقَّقُ في الشائِعِ أو لا يَتكاملُ فيه لمَا بَيَّنَّا في الهِبةِ.

ولأنَّ التَّصدُّقَ تَبرعٌ كالهِبةِ، وتَصحيحُه في المَشاعِ يُصيِّرُها عَقدَ ضَمانٍ فيَتغيرُ المَشروعُ على ما بَيَّنَّا في الهِبةِ.

ولو وهَبَ شَيئًا يَنقسِمُ من رَجلَينِ كالدارِ والدَّراهمِ والدَّنانيرِ ونَحوِها وقَبَضاه لم يَجزْ عندَ أبي حَنيفةَ وجازَ عندَ أَبي يُوسفَ ومُحمدٍ، وأجمَعوا على أنَّه لو وهَبَ رَجلانِ من واحِدٍ شَيئًا يَنقسمُ وقبَضَه أنَّه يَجوزُ، فأبو حَنيفةَ يَعتبِرُ الشُّيوعَ عندَ القَبضِ وهما يَعتبرانِه عندَ العَقدِ والقَبضِ جَميعًا، فلم

<<  <  ج: ص:  >  >>