للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«إنِّي لا أشهَدُ على جَورٍ» لمَن أرادَ تَخصيصَ بعضِ أولادِه بالعَطيةِ، وعلى البَناتِ أنْ يَتَّقين اللهَ ويُعطين الابنَ حَقَّه.

وقَولُ النَّبيِّ للذي خصَّصَ بعضَ أَولادِه: «أشهِدْ على هذا غيري» تَهديدٌ له؛ فإنَّه قالَ: «اردُدْه» وقد رَدَّه ذلك الرَّجلُ.

وأمَّا إذا وصَّى لهُنَّ بعدَ مَوتِه فهي غيرُ لازِمةٍ باتِّفاقِ العُلماءِ، والصَّحيحُ من قَولَيِ العُلماءِ أنَّ هذا الذي خَصَّ بَناتِه بالعَطيةِ دونَ حَملِه يَجبُ عليه أنْ يَردَّ ذلك في حَياتِه كما أمَرَ النَّبيُّ ، وإنْ ماتَ ولم يَردَّه رُدَّ بعدَ مَوتِه على أصَحِّ القَولَين أيضًا؛ طاعةً للهِ ولرَسولِه واتِّباعًا للعَدلِ الذي أمَرَ به واقتِداءً بأبي بَكرٍ وعُمرَ ، ولا يَحلُّ للذي فُضِّل أنْ يأخُذَ الفَضلَ، بل عليه أنْ يُقاسِمَ إخوتَه في جَميعِ المالِ بالعَدلِ الذي أمَرَ اللهُ به، واللهُ أعلَمُ (١).

وقالَ أيضًا : فلو ماتَ الوالِدُ قبلَ التَّسويةِ الواجِبةِ فللباقِينَ الرُّجوعُ، وهو رِوايةٌ عن الإمامِ أحمدَ واختيارُ ابنِ بَطةَ وأَبي حَفصٍ، وأمَّا الوَلدُ المُفضَّلُ فيَنبَغي له الرَّدُّ بعدَ المَوتِ قَولًا واحِدًا، وهل يَطيبُ له الإمساكُ إذا قُلنا: لا يُجبرُ على الرَّدِّ؟ كَلامُ أحمدَ يَقتَضي رِوايتَينِ، فقالَ في رِوايةِ ابنِ الحَكمِ: وإذا ماتَ الذي فُضِّل لم أطيِّبْه له ولم أُجبِرْ على رَدِّه، وظاهِرُه التَّحريمُ، ونُقلَ عنه أيضًا: قُلتُ: فتَرى الذي فُضِّل أنْ يَردَّه؟ قالَ: إنْ فعَلَ فهو أجوَدُ، وإنْ لم يَفعلْ ذلك لم أُجبِرْه. وظاهِرُه الاستِحبابُ.


(١) «مجموع الفتاوى» (٣١/ ٢٧٦، ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>