للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدُهما: لا يَصحُّ؛ لأنَّ عَطيتَه في مَرضِه كوَصيتِه، ولو وصَّى له لم يَصحَّ، فكذلك إذا أَعطاه.

والثاني: يَصحُّ؛ لأنَّ التَّسويةَ بينَهما واجِبةٌ، ولا طَريقَ لها في هذا المَوضعِ إلا بعَطيةِ الآخَرِ فتَكونُ واجِبةً فتَصحُّ كقَضاءِ دَينِه (١).

وسُئلَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ عن رَجلٍ له ابنَتانِ ومُطلَّقةٌ حامِلٌ، وكتَبَ لابنتَيه ألفَيْ دِينارٍ وأربَعَ أَملاكٍ، ثم بعدَ ذلك وُلدَ للمُطلَّقةِ وَلدٌ ذَكرٌ ولم يَكتبْ له شَيئًا، ثم بعدَ ذلك تُوفِّيَ الوالِدُ وخلَّفَ مَوجودًا خارِجًا عما كتَبَه لابنتَيه وقسَّمَ المَوجودَ بينَهم على حُكمِ الفَريضةِ الشَّرعيةِ، فهل يُفسخُ ما كتَبَ للبنتَينِ أو لا؟

فأجابَ: هذه المَسألةُ فيها نِزاعٌ بينَ أهلِ العِلمِ، إنْ كانَ قد ملَّكَ البَناتِ تَمليكًا تامًّا مَقبوضًا فأمَّا أنْ يَكونَ كتَبَ لهُنَّ في ذِمتِه ألفَيْ دينارٍ من غيرِ إِقباضٍ أو أَعطاهُنَّ شَيئًا ولم يُقبِضْه لهُنَّ، فهذا العَقدُ مَفسوخٌ، ويُقسمُ الجَميعِ بينَ الذَّكرِ والأُنثَيينِ، وأمَّا مع حُصولِ القَبضِ ففيه نِزاعٌ، وقد رُويَ «أنَّ سَعدَ بنَ عُبادةَ قسَّمَ مالَه بينَ أَولادِه، فلمَّا ماتَ وُلدَ له حَملٌ، فأمَرَ أبو بَكرٍ وعُمرُ أنْ يُعطى الحَملُ نَصيبَه من المِيراثِ»، فلهذا يَنبَغي أنْ يَفعلَ بهذا كذلك؛ فإنَّ النَّبيَّ قالَ: «اتَّقوا اللهَ واعدِلوا بينَ أَولادِكم» وقالَ:


(١) «المغني» (٥/ ٣٩٣، ٣٩٤)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٧٣)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢١٠)، و «الإنصاف» (٧/ ١٤١، ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>