للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيءَ الفُلانيَّ لشَيءٍ مُعيَّنٍ حاضِرٍ أو مَعلومٍ غائِبٍ جازَ ذلك، وليسَ لأحدِهما رُجوعٌ بعدَ ذلك كالبَيعِ إذا انعقَدَ وإنْ لم يَقبِضِ الهِبةَ؛ لأنَّه التَزمَه بتَعيينِه؛ فإنْ لم يُثِبْه رجَعَ؛ لمَا رَواه مالِكٌ في المُوطَّأِ عن عُمرَ بنِ الخَطابِ قالَ: «مَنْ وهَبَ هِبةً لصِلةِ رَحمٍ أو على وَجهِ صَدقةٍ فإنَّه لا يَرجعُ فيها، ومَن وهَبَ هِبةً يَرى أنَّه إنَّما أراد بها الثَّوابَ فهو على هِبتِه يَرجعُ فيها إنْ لم يَرضَ منها» (١).

وإنْ كانَ الثَّوابُ غيرَ مُعيَّنٍ جازَ أيضًا، ولا يَلزمُ العَقدُ الواهِبَ إلا بقَبضِها، ولا يَلزمُ المَوهوبَ له إلا بفَواتِها بزِيادةٍ أو نَقصٍ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ في الأظهَرِ: لو وهَبَ شَخصًا شَيئًا بشَرطِ ثَوابٍ مَعلومٍ عليه ك «وهَبتُك هذا على أنْ تُثيبَني كذا»، صَحَّ العَقدُ في الأظهَرِ نَظرًا للمَعنى؛ فإنَّه مُعاوضةٌ بمالٍ مَعلومٍ فصَحَّ كما لو قالَ: «بِعتُك»، ويَلزمُ المَوهوبَ الثَّوابُ المَشروطُ؛ لأنَّ الهِبةَ تَمليكُ العَينِ، وقد ثبَتَ أنَّه لو قالَ: ملَّكتُك هذه العَينَ ولم يَذكُرِ العِوضَ كانَ هِبةً، ولو قالَ: ملَّكتُكها بدِينارٍ صَحَّ وكانَ بَيعًا، فكذا الهِبةُ بالعِوضِ (٣).


(١) صَحيحٌ مَوقوفًا: رواه مالك في «الموطأ» (١٤٤٠)، ومن طريقه البيهقي في «الكبرى» (١١٨٠٨).
(٢) «الاستذكار» (٧/ ٢٣٤)، و «الذخيرة» (٦/ ٢٧٧)، و «البيان والتحصيل» (١٨/ ١٦٢)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٢٦٣)، رقم (١١٠٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥١٧)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١١٧) «مواهب الجليل» (٨/ ٢٣، ٢٤)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٢٦)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٢٦).
(٣) «البيان» (٨/ ١٣٣)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٩٦، ١٩٧)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٦٧)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٨٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٠٠)، و «تحفة المحتاج مع حاشية الرواني والعبادي» (٧/ ٥٩٥)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٨٥)، و «الديباج» (٢/ ٥٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>